هو فيلم أميركي من إنتاج العام الماضي، بطولة النجم "ريان رينولدز"، وإخراج الإسباني رودريجو كورتييه، الترجمة الحرفيّة لاسم الفيلم هو "مدفون"، ويتجلى تميّز هذا الفيلم، في أنه لا يظهر فيه غير شخص واحد طوال ساعة ونصف هي مدّته، وكل أحداثه تدور في مساحة لا تتعدى مترين طولا في متر عرضا، وهي مساحة "القبر" الذي تم احتجاز البطل فيه، ومصدر الإضاءة الأهم هو "ولاعة"! أما عبقريته الحقيقية، فهي في قدرة الفيلم على امتلاك مشاعر المشاهد، بنسبة 100% من الدقيقة الأولى وإلى آخر ثانية في هذه المساحة الضيقة، والموارد شبه المعدومة. يتمكن الفيلم من حشد كم هائل من المفاجآات والانفعالات، والتحولات الدرامية في القصّة، والذي يصنع الدراما فيه هو "جهاز الهاتف الجوال" الذي وجده البطل "بول" داخل التابوت معه، ليصبح همزة الوصل الوحيدة بينه، وبين العالم الخارجي "فوق الأرض"، فمن خلاله نسمع أصوات الناس الذين يستنجد بهم في صراعه على البقاء، ومن خلال مؤشر البطارية نعرف كم تبقى لبول من زمن قبل أن يموت، فنهاية شحن البطارية يعني موته المحقق، بداية الفيلم هي دقيقة من شاشة سوداء ومجرد أنفاس إنسان، لا نعرف أين هو، ونعتقد أن هناك خللا في العرض حتى نرى ضوء ولاعة يشتعل، ثم نتعرف على بول سائق الشاحنة المدني المختطف في العراق، وكي ينجو عليه أن يدبر من خلال الهاتف فدية قدرها خمسة ملايين دولار، هذا الجنون، وهذا الجنوح، هو سر السينما، وهو سر شغف عشاقها.