يبدو أننا بحاجة ماسة لفهم ثقافة الحوار، والاختلاف، والإتلاف، وأن نبتعد عن الصورة النمطية التقليدية التي رسخت مفهوم القبيلة، والعصبية.. مسايرا لمبدأ إن لم تكن معي فأنت ضدي، ورسم الكثير من علامات الاتهام والحشد المتواصل لذر الرماد في العيون، ومحاولة إقناع الكل بأنك الصح الصحيح، الذي لا يشوبه الحيف والخطأ، وكأنك صاحب وصاية قاطعة لتحكم على من يختلف معك وإن كان لمجرد الاختلاف بأنه "علماني، ليبرالي، سلفي، غجري، رجعي...إلخ"..
إن ثقافة استيعاب الآخر.. والحوار مع المختلف، لا سيما الحوار الداخلي الذي تدور رحى تفاصيله بيننا، وأنه هو سبيل الحوار الخارجي، ويمد جسور التواصل، وقنوات عبور لثقافة التعايش وفق معيار سلوكي عام على مستوى المواطن، والمجتمع بشكل عام، ولعل ما يقوم به مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار الوطني الداخلي، أو الخارجي لدليل واضح على نشر ثقافة الحوار مع الثقافات الأخرى والأديان المختلفة، ورسم الصورة الحقيقة للإسلام، والذي يرتكز على ثلاثة محاور هامة وهي: احترام الاختلاف من خلال الحوار.. وتأسيس قواسم مشتركة بين مختلف الجماعات، وتحقيق المشاركة الدينية والحضارية والمدنية بين القيادات الدينية والسياسية.. بعيدا عن نمطية تفكيرنا، وتشويهات الناقمين، وعصبية المتقوقعين، وضحالة المنغلقين، ومغالطات الحاقدين، فالدين دين معاملة وتعايش وتسامح ورسالة إنسانية نبيلة تسمو فوق رسالات الدنيا.
إننا في هذا الوقت تحديدا نحتاج التعاضد والتضامن، والتكاتف، وتفهم بعضنا للآخر.. بعيدا عمن يروج للشائعات والمرجفات لمن يخالفهم، بل وصل بالبعض إلى التكفير، والخروج عن الملة.. وعن العالم، وهذا ليس بمستغرب على أمة لا تقرأ الآخر بقدر ما تسمع عنه فقط، ولا تستفهم عن المختلف بقدر ما تتهم.. وتطلق الأحكام جزافا دون وجه حق!.
نحن جزء من منظومة العالم الذي يتحرك وفق نظام تعايشي إنساني يقف على احترام الإنسان ومذاهبه، ومعتقداته.. وميوله ورغباته ضمن نسيج مجتمعي مليء بالمذاهب والمعتقدات يسوده الحب، والأمن والأمان. واحترام الإنسان أولا وآخرا.