من يتابع منى زكي في مسلسل "آسيا" يدرك سريعا أنه أمام نسخة "معدلة" وأكثر نضوجا من الناحية الفنية للفنانة التي اعتاد المشاهد رؤيتها في قوالب وأدوار ثابتة، وكأنها تكتب خصيصا لها، حيث كان "الهدوء"، و"الرقة" أبرز تفاصيل الأدوار السينمائية التي لعبتها في الفترة الأخيرة.

بعد غياب ست سنوات عن شاشة التلفزيون منذ تقديمها لمسلسل "السندريلا" عن حياة الراحلة سعاد حسني، عادت منى هذا العام لتطل على المشاهدين في دور مركب جديد عليها، في مسلسل "آسيا" للمخرج محمد بكير، والكاتب عباس أبو الحسن، وهو بطولة باسم السمرة، ومحمود قابيل، ومها أبو عوف، ويعرض حاليا على قناة MBC مصر.

ومنى زكي نجمة الشباك في السينما الآونة الأخيرة، التي صنعت نجوميتها في تسعينات القرن العشرين في إطار ما عرف باسم "موجة أفلام الكوميديا"، تقدم هذا العام دور عمرها في مسلسل "آسيا"، وهو دور يختلف عن أدوارها السابقة في "نصف ربيع الآخر"، و"الضوء الشارد"، و"جحا المصري".

وتدور أحداث المسلسل حول قصة فتاة تعمل في مجال الفنون التشكيلية، ولكنها تعاني في حياتها من زوجها الطبيب، ويجمعهما دائما خلاف يجعلهما غير قادرين على التواصل، لتتعرض بعد ذلك لحادثة تفقد على إثرها الذاكرة، فتتغير حياتها تماما، وتعمل راقصة بأحد الملاهي الليلية.

المعارك المعلنة وغير المعلنة التي تقودها "آسيا"- منى زكي - في العمل مع الشخصية المركبة تمنحها شهادة ميلاد جديدة "تتمرد" بها على القالب الذي فرضته السينما عليها، وتكشف "نوافذ" جديدة للعبقرية، وتكسر قيود أدوار الفتاة ذات الوجه الملائكي البريء.

ويبدو الصراع بين النقيضين في حلقات العمل الذي تمر به "آسيا" مع تحولها من فنانة تشكيلية تعاني بعض المشكلات مع زوجها الدكتور "راجي" الذي يقوم بدوره الفنان هاني عادل، لتصطدم بسيارة صاحب ملهى ليلي تنتقل معه إلى حياة جديدة يفترض فيها أنها فاقدة الذاكرة.

ومع توالي أحداث العمل تنخرط آسيا في "الملهى الليلي" وتعيش الشخصية بطريقتها الخاصة، تارة تبدو "خبيثة" في محاورة "فارس" صاحب الملهى، وتاجر السلاح، وتارة أخرى "حالمة" مع "بحر" صديق فارس.

أما مشاهد "الفلاش باك" فتظهر موظفة بصورة جيدة في سياق الأحداث، لتبين طريقة تعامل آسيا الفنانة التشكيلية والزوجة في حياتها، ومع أبنائها وزوجها الطبيب القاسي، في "عبقرية" تجسدها منى بامتياز، وتحفظ للمشاهد توازنه في تتبع أحداث العمل بلا انحراف يفقده التواصل مع محطات المسلسل.

دور منى في "آسيا" فريد، وقريب في بعض مشاهده من دورها في "ولاد العم" الذي شاركها بطولته شريف منير، وقد حاولت من خلال المسلسل التأكيد على قدرتها على لعب الأدوار الجديدة والمركبة بلا "توتر" أو "تعقيد".

مسلسل "آسيا" صنع له شخصية بين زحمة دراما رمضان، ورغم عدم تسويقه فضائيا على خريطة الشاشات بدرجة كبيرة، إلا أنه يحظى بمتابعة كبيرة، لخصوصيته، ونسج أحداثه المترابط، وتوظيف "نجومه" الموفق بعيدا عن الأسماء و"الكركترات" الجامدة التي دأب الكثير من المخرجين على اعتمادها عند إسناد الأدوار للممثلين.