هل تعرف ما أكثر جملة تؤدي لإحباط الشاب المتحمّس؟ وهل تعرف ما أكثر جملة تتكرر لدى المدراء السلطويين؟ نعم الإجابة واحدة، وهي الجملة الشهيرة: "بس ولو".

هذه الجملة التي غالباً ما تطرح نهاية أي نقاش حاد بين طرفين غير متكافئين، وخصوصاً في حالة قدرة الطرف الضعيف على طرح فكرة جديدة، أو إثبات رأيٍ مختلف، حينها يستخدم الطرف القوى نفوذه وسلطته بإنهاء النقاش رغماً عن أنف الطرف الآخر، وهو وإن كان يقر بوجاهة الفكرة، إلا أنه لسبب ما لن يقوم بتنفيذها، هكذا وبكل بساطة يدمر فكرته، ويجعلها مجرد كلامٍ بلا معنى أو أثر.

والمشكلة الكبرى أن التعرض المتكرر لمثل هذه النهايات "القاتلة" يؤدى –بلا شك- إلى خنق روح الإبداع، وطرد ملكة التفكير من عقول الشباب، فيتحول الشاب المبادر مع مرور الزمن إلى نسخة أخرى ممن ينهون أحاديثهم بهذه الجملة "القاتلة"، ويتواصل مسلسل اغتيال الإبداع وهو لا يزال مضغة غضة.

ولعل سبب إدمان البعض على هذه الجملة المزعجة يعود إلى خوفه الشديد من المستقبل، وخوفه من أن هذه الفكرة الجديدة قد تكون وبالاً عليه وعلى من ابتكرها! ورغم أن هذا الخوف مشروع؛ لكن التمادي فيه يجعلنا أسرى لماضٍ لن يعود، والأسوأ من ذلك أنه يعمل مع مرور الزمن على تصحّر ميدان الإبداع، واقتلاع روح المغامرة في شبابنا.

لذا وقبل أن نطلب من الآخرين تجاوز هذه المقولة؛ يجب علينا أن نتجاوزها في أنفسنا أولاً، ثم في دائرة اهتمامنا من أقارب وأصدقاء، فنحن وللأسف مستخدمون مستمرون لمثل هذه الجملة وإن اختلفت الكلمات، والآن وكأني بالبعض وهو يقرأ هذا المقال رغم اقتناعه بما ورد أعلاه، يقول: صح.. "بس ولو"!..