عودة ابتسام لطفي للساحة الفنية، حدث كبير كتبت عنه أغلب الصحف والمجلات، وظهر في أغلب القنوات. ولمن لا يعرف ابتسام لطفي فهي مطربة سعودية اسمها الحقيقي خيرية قربان عبدالهادي، من مواليد مدينة الطائف، كفيفة البصر، كانت تغني في الأفراح في مدينة جدة، وكان لها صوت شبيه بصوت أسمهان، غنت لكبار الملحنين مثل غازي علي، ورياض السنباطي، ومحمد الموجي.. كما تعاونت مع الشاعر أحمد رامي في أغنية "وداع"، ومن أشهر أغانيها "سافروا" و"يا طير" و"البارحة".. وقد اشتهرت في فترة السبعينات والثمانينات، حتى أصبحت من أشهر المطربات العربيات، واعتزلت أواخر الثمانينات.. لكن ما كدر صفو هذا الحدث أن إذاعة صوت الخليج القطرية كانت هي أول من يستضيفها ويسجل لها مجموعة أغان كانت لا توجد إلا بالإذاعة السعودية، ربما هذا أمر عادي لأغلب الناس، ولكنني كمهتمة بالثقافة والتراث أشعر بخطر مصادرة ثقافتنا من الدول.
هنا تذكرت كلمة قرأتها للشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة لمملكة البحرين عندما قالت: "مسؤولية الثقافة ليست تابعة للأوطان، بل للقضايا الإنسانية المشتركة. ومن الضروري أن ندافع عمّا نؤمن به من هوية وعادات وتقاليد وتراث، لأن هذه المتلازمات الثقافية هي الإنسان واشتغالاته، وهو ما يجب أن نكرّس له ونعتني به من موقع مسؤوليتنا".. لذلك يجب علينا أن نفرق بين التصدير والمصادرة، فالمصادرة تتعلق بالحالة السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية للثقافة التي تقوم بالاستيراد، أو عندما تكون هناك أمور أخرى مضمنة في الأمر، مثل تاريخ الصراع الإثني أو العرقي بين مجموعتين. أما التصدير فهو مصطلح محايد بشكل أكثر، وهو الاستيعاب الثقافي الذي لا ينطوي على اللوم.
وصف جورج ليبسيتز المصادرة بـ"مكافحة الجوهرية الإستراتيجية" لاستخدامها المحسوب للأشكال الثقافية التي ليست لك من أجل التعبير عن مجموعتك أو نفسك.
يقول ليبسيتز: "عندما تحاول ثقافة الأغلبية تنفيذ المكافحة الجوهرية الإستراتيجية لذاتها من خلال مصادرة الثقافة، يجب أن تتوخى تلك الثقافة الحذر من أجل إدراك الظروف والمعاني الاجتماعية والتاريخية الخاصة بهذه الأشكال الثقافية من أجل عدم إدامة علاقات القوة غير المتساوية".
هناك مثال صريح على المصادرة الثقافية يتمثل في بيع "اليوجا" كسلعة. فـ"اليوجا" ينظر إليها على أنها ممارسة مقدسة في التقاليد الهندية. وفي مختلف أرجاء العالم الغربي، يتم تسويق "اليوجا" على أنها ممارسات تدريبية من أجل اللياقة البدنية. وقد فقدت قيمتها، أو ممارساتها الروحانية، بشكل كبير من خلال بيعها كسلعة، لذلك يجب على هيئة الإذاعة والتلفزيون الحرص على عدم تحول ابتسام لطفي إلى سلعة!