عاش أستاذ النحو الدكتور فاضل بن صالح السامرائي 80 حولاً متنقلاً بهدوء من "الإلحاد" والبحث فيه، إلى "الإيمان" والدعوةِ إليه باللسان والكتاب.. وعاش 80 عاماً لا يؤمن بشيءٍ إلا باقتناعٍ تام بعد دراسة وبحث علمي دقيق.

60 عاماً من الـ80 التي عاشها السامرائي - أمد الله في عمره - قضاها في التعليم، فكان معلماً للغة العربية منذ 1953 في مدرسة للمرحلة الابتدائية بعدما اجتياز دورة في التربية لإعداد المعلمين، ثم تحول معلماً للمرحلة الثانوية بعد حصوله على البكالوريوس من كلية التربية، ثم انتقل عضواً في هيئة التدريس بجامعة بغداد بعدما نال درجة الماجستير ضمن أول دفعة تحصل عليها في العراق، ثم نال درجة الدكتوراه من جامعة عين شمس بمصر قبل أن يبدأ تدريس الدكتوراه في العراق، وواصل تدريس النحو في الجامعات متنقلاً بين العراق وجامعة الكويت ثم العراق ثم جامعة عجمان وأخيراً إلى جامعة الشارقة التي لا يزال يدرس فيها اللغة العربية والنحو، وكان عميداً لكلية الدراسات الإسلامية المسائية في السبعينات، وخبيراً في لجنة الأصول في المجمع العلمي العراقي عام 1983، وعضواً عاملاً في المجمع عام 1996.

وعلى رغم أن فاضل السامرائي المولود في سامراء عام 1933، كان يميل إلى الدين والتدين إلا أنه كان ذا عقل متشكك كما يصف بداياته وحياته في الشباب، ولكثرة ما أعمل عقله وفكره وصل إلى "الإلحاد" وترقى فيه حتى اقتنع بأنه "لا يوجد على وجه الأرض مؤمن"، فبحث عن الإيمان وقرأ الكتب والأبحاث التي تتحدث عنه وأشغل ذهنه في الإيمان والإلحاد فكان لا ينام لأيام متواصلة، حتى عاد مؤمناً في يومٍ سماه "يوم الإيمان" بعد قراءات ودراسات عميقة، وألف أول كتابٍ له عام 1958 وهو طالب في الكلية لم يتجاوز الـ25 عاماً بعنوان "نداء الروح" ناقش فيه الإيمان في وقت انتشر فيه الإلحاد.

ولم يتوقف شك السامرائي عند هذه القضية، بل تواصل معه فبحث نبوة محمد مشككاً فيها، حتى قرأ التوراة والإنجيل وكرر قراءة القرآن فوصل إلى الحق بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم فألف كتاب "نبوة محمد من الشك إلى اليقين".

بكل الإيمانيات والقراءات التي قدمها السامرائي في الإيمان، لم يترك حبه الأول الذي بدأ معه من الصف الثالث الابتدائي، "اللغة العربية" التي كان يعشقها ويميل إليها من بين المواد التي يدرسها، فكان معلماً لها ومؤلفاً فيها، فبحث الجملة العربية وكتب عنها كتابين: الأول بعنوان "الجملة العربية.. تأليفها وأقسامها"، والثاني بعنوان "الجملة العربية والمعنى"، ثم ألف كتاب "تحقيقات نحوية"، وكتاب "معاني النحو" بـ4 أجزاء.

وظف فاضل السامرائي علمه في اللغة العربية وإتقانه لأدواتها في استعراض اللمسات البيانية في القرآن الكريم، فكان له اهتمام كبير في التعابير القرآنية، وألف فيها عدة كتب منها: "أسرار البيان في التعبير القرآني"، و"أسئلة بيانية في القرآن"، و"بلاغة الكلمة في التعبير القرآني"، و"لمسات بيانية في نصوص التنزيل"، وهو ضيفٌ دائم على قناة الشارقة في برنامج "لمسات بيانية" الذي يهتم بالقرآن ويقدم فيه السامرائي شرحاً لبيان كلام الله بأسلوب بديع وطريقة سهلة على التلقي مستخدماً النحو والبلاغة في شرح ذلك.