فارق كبير بين من اعتادوا الكفاح لتلبية متطلبات الحياة، وبين من اختاروا طريق التسول ومد الأيدي للناس، مستخدمين في ذلك العبارات التي تستعطفهم وتجعلهم يدفعون من مالهم دون مساءلة أنفسهم: هل هؤلاء المتسولون والمتسولات يستحقون العطف أم لا؟
"الله يرحم والديك ويوفقك"، عبارة كانت كفيلة بأن يخرج عبدالرحمن بعضا من الريالات ليعطيها لتلك المرأة المتسولة التي اعترضت طريقه عند إشارة سوق الحب بالدمام، ليتخلص من أذاها، وما يفعله عبدالرحمن ليس بدعا من الأفعال، فهو عين ما يقوم به الكثيرون ممن يجدون أنفسهم في مواجهة غول شبكات التسول في رمضان.
وتحدث عبدالرحمن وهو شاب في العقد الثالث من عمره لـ"الوطن"، عن الظاهرة قائلا: "المتسولون يتزايدون في رمضان، ولكن أكثر ما يزعجني هو تشبثهم بالمركبة عند الإشارات بشكل يعرض الجميع للخطر، ناهيك عن أساليبهم المرعبة، فمثلا السيدات المتسولات يعمدن إلى استدرار العطف بالدعاء لك، وفي حال لم تفلح محاولاتهن، فإن سيلا من الدعوات المضادة تنطلق باتجاهك، وهو ما يسبب لي الكثير من الأذى النفسي".
أما أبومحمد، وهو رجل في الخمسين من عمره، فيستغرب من السبات الذي تكون عليه الجهات المعنية تجاه المتسولين في رمضان، وقال: "إنهم عصابات وليسوا إناسا يشكون الفاقة، أين مكافحة التسول، والشرطة، والجوازات، والجهات الخيرية كذلك، أين هي من تحرك هؤلاء دون رقابة؟".
فيما يرى محسن الدوسري أن سائقي المركبات مشتركون في تفشي الظاهرة قائلا: "لماذا نعطي مثل هؤلاء أموالنا؟ بهذا التصرف ستزداد أعدادهم أكثر"، مشيرا إلى أنه لا يعطي لمتسول ريالا واحدا لأنه يعرف من يستحقون تبرعه.
المواطن فيصل الشمري يفجر مفاجأة أخرى بقوله: إنه صادف سيدة تدعي التسول في أحد شوارع الدمام صباحا، وكانت تقوم بعد فاصل من النقاش مع أصحاب السيارات، بضرب باب المركبات بقوة، فقام بالاتصال بالدوريات للإبلاغ، وبعد وصول رجال الأمن كانت المفاجأة بأن المتسولة لم تكن سوى مقيم من إحدى الجنسيات العربية متنكر بزي سيدة.
وأضاف أن غياب الرقابة الحقيقية هي التي سمحت لمثل هؤلاء بالتحرك والعمل على تقاسم كعكة التسول بعد أن صارت الحملات النظامية معروفة لدى هلؤلاء، ويجيدون التخفي عنها غالبا.