عادت جمعية "الحمير" المصرية التي أسسها الأديب والمسرحي المخرج زكي طليمات قبل أكثر من سبعين عاما، إلى دائرة الضوء مجددا كواحدة من أطرف الجمعيات الأهلية التي عرفتها مصر.

فالعدد الجديد من مجلة "ذاكرة مصر المعاصرة" الصادر أخيراً عن مكتبة الإسكندرية، يوثق لهذه الجمعية التي تضم 30 ألف عضو من المصريين يحملون ألقابًا عدة، فعند انضمام العضو للجمعية يلقب بالحرحور أي الجحش الصغير، ثم يحصل على رتبة أعلى حسب مجهوده. وقد يظل العضو 20 عامًا دون أن يحصل على اللقب وهو (حامل البردعة) أي (حمار كبير). ولم يحصل على هذا اللقب سوى ثلاثة أعضاء من الجمعية زكي طليمات وشكري راغب والمرسي خفاجي رئيس الجمعية الحالي.

ترجع بداية تكوين الجمعية إلى إنشاء معهد الفنون المسرحية العام 1930 على يد زكي طليمات، الذي أنشأه بهدف تمصير المسرح، والخروج به بعيدًا عن الارتجال إلى الدراسات العلمية، وبعد مرور عامين أوعز الإنجليز للملك فؤاد بأن المعهد يمثل خطرًا على حكمه، لأنه عندما يتعلم المصريون كتابة المسرح سيخرجون إلى الناس بمسرحيات تشير إلى الفساد، واقتنع الملك فأصدر قرارًا بإغلاق المعهد. ورغم المحاولات المضنية من جانب زكي طليمات لإعادة فتح المعهد، إلا أنه فشل، وبعد زواجه من روز اليوسف قاد عبر مجلتها حملة لإعادة المعهد، فهداه تفكيره إلى تأسيس (جمعية للحمير) لما يتميز به الحمار من صبر وقوة تحمل وكان الغرض إعادة فتح المعهد، وانضم معه لتأسيس الجمعية شكري راغب مدير دار الأوبرا المصرية آنذاك، وبفضل جهود أعضاء الجمعية أعيد فتح المعهد.

وانضم للجمعية عدد من أبرز الأدباء والفنانين المصريين؛ ومنهم طه حسين وعباس العقاد ونادية لطفي وأحمد رجب. وعند وفاة السيد بدير؛ آخر الأعضاء المؤسسين للجمعية عام 1986، كادت الجمعية أن تغلق، لولا أن أحياها الدكتور محمود محفوظ، ورئيسها الحالي المرسي خفاجي.

واجهت الجمعية منذ تأسيسها مشكلة رئيسة وأساسية، وهي عدم اعتراف الحكومة المصرية بها بسبب اسمها، الذي اعتبرته (غير لائق) ولا يوافق التقاليد. وأصاب الإحباط أعضاء الجمعية بسبب هذا الموقف، وفقدوا أهم صفات الحمير وهي الصبر والتحمل، وقرروا تغيير اسم الجمعية ليتسنى إشهارها، ولكن وزارة الشؤون الاجتماعية تماطل وتسوِّف في إشهار الجمعية. وتقدم الجمعية خدمات مختلفة للمجتمع منها محو الأمية، وتشجير الأحياء، وإنشاء الحدائق، واستصلاح الأراضي لتمليكها للشباب، وتنظيم الرحلات الداخلية والخارجية، ورعاية المرضى من خلال عيادات الأطباء الذين انضموا للجمعية، وتقدم الأجهزة الطبية الحديثة كهدايا للمستشفيات الحكومية.

العدد الأخير من ذاكرة مصر يطرح موضوعات أخرى متنوعة منها، هرم خوفو لأيمن منصور، والفيروز في مصر القديمة لأحمد منصور، وأسرار الخطابات السرية بين جون كينيدي وجمال عبد الناصر لشيرين جابر، وحكاية العدد عن معبد دابود سفير مصر في مدريد تقصها سوزان عابد، وقراءة في مشروع دستور 1954 وبموجبه كانت مصر دولة برلمانية ديمقراطية للدكتورة صفاء خليفة، وقصر الجزيرة للدكتور خالد عزب.