منذ حوالي 20 يوماً يعتصم أنصار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أمام مسجد "رابعة العدوية" للمطالبة بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل يوم الثالث من يوليو الماضي. ونسبة لضخامة عدد المعتصمين فقد شكا بعض سكان المنطقة من الصعوبات التي باتوا يواجهونها جراء وجود هذا العدد الضخم من المعتصمين، وزيارة سريعة للمكان توضح بجلاء أن تعايش السكان مع المعتصمين بات هشاً للحد البعيد، وأن البعض يبدي تخوفه من احتمال وقوع صدام بين الجانبين. ذلك أن المنطقة باتت تشهد اكتظاظاً غير مسبوق بالمتظاهرين، حيث يكتظ محيط المسجد بآلاف وأحيانا عشرات الآلاف من المتظاهرين حسب الأيام. كما باتت المنطقة المغلقة بالحواجز التي امتلأت بصور الرئيس المعزول مرسي تشبه بلدة مصغرة تضم باعة الخضار والأعلام ومساحات للراحة.
ويصف أحد قادة المعتصمين ويدعى فريد إسماعيل الوضع الحالي بقوله "نحن هنا منذ أكثر من 3 أسابيع وسنواصل مقاومتنا سلمياً. حتى انتهاء هذا الانقلاب العسكري". وأضاف "بالطبع وجود هذا الحشد يؤثر على السكان. لكننا نعمل على حل المشاكل ونحاول أن نلبي كافة مطالبهم وأن نمنع حدوث أي اشتباك أو احتكاك بين المتظاهرين وسكان الحي". وكان يتحدث من "المركز الصحافي" الذي أقيم خلف المنصة الكبيرة التي تستخدم كل مساء لحث المتظاهرين على مواصلة الكفاح. إلا أن سكان الحي باتوا لا يخفون استياءهم من الوضع المحيط بالمنطقة، ورفضهم لبقاء المتظاهرين فترة أطول، حيث يحتل بعضهم الباحات الصغيرة المغطاة بالعشب أسفل المباني.
وكان السكان قد أصدروا بياناً أول من أمس أعربوا فيه عن امتعاضهم من الاعتصام، ووجَّهوا إنذاراً للمشاركين فيه بالمغادرة، كما طالبوا بنظافة المنطقة وخفض أصوات مكبرات الصوت في الليل وإغلاقها حتى الصباح لأنها تقض مضاجع السكان وتمنعهم من أخذ قسط كاف من الراحة. وقد رد حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان المسلمين على البيان بتقديم اعتذار للسكان عن المضايقات التي حدثت لهم، مؤكداً أنه يأخذ ملاحظات السكان في اعتباره.
وقال البيان "باسم جميع المعتصمين نتوجه بخالص الاعتذار للسكان عن أي ضرر أو مضايقات تسبب بها الاعتصام والمعتصمون، ونتعهد بإخلاء الشوارع الجانبية في الميدان والحدائق الخلفية للبنايات، وإجراء حملة نظافة واسعة، وخفض أصوات مكبرات الصوت ما بين منتصف الليل والثانية عشرة ظهراً".
ورغم هذا التجاوب والتعهدات، إلا أن كثيراً من سكان الحي يؤكدون أنها غير كافية، وأن الحل الأنسب في رأيهم هو فض الاعتصام وعودة الحياة إلى طبيعتها في المكان، والسماح لحركة السير بالانسياب بصورة طبيعية. ويقول أحد السكان "الوضع سيئ جداً. منذ حوالي 20 يوماً هناك 20 ألف شخص غريب عن الحي. ليست لديهم شقق ولا حمامات، إنهم يقضون حاجتهم تحت الأشجار ويخلفون بقاياهم في كل مكان". وتابع "نصبوا الحواجز وباتوا يطلبون الهويات. هذا أمر لا يجوز، لا يحق لهم إطلاقاً فعل ذلك. إنهم يسيئون التصرف". ويشير بعض السكان إلى أن غالبية المعتصمين ليسوا من سكان المنطقة وأن الإخوان أتوا بهم بالحافلات من الأرياف، وكثير منهم ربما لا ينتمي لحركة الإخوان من الأصل. ويقول أحد التجار "لا يمكن التفاهم مع كثير من المعتصمين لأنهم من غير المعلمين. نعاني صعوبات كثيرة بعد أن توقفت الشركات عن مدنا بالسلع والبضائع بسبب خوف مسؤوليها من التعرض للسرقة والنهب". ويطالب السلطات المختصة بالتدخل لإجلاء المعتصمين قائلاً "لا بد للجهات الأمنية أن تتدخل لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه. لماذا ندفع فاتورة خلافات سياسية لسنا أطرافاً فيها؟ وإلى متى سنظل نخشى السير في طرقات شوارعنا التي ولدنا وتربينا فيها؟