الكلام الذي كتبه الأستاذ سعيد السريحي "عكاظ 21 محرم" عن بيوت جدة التاريخية، مع تقديري له غريب وبعيد عن الواقع، وبالتالي يمكن الرد عليه بنفس الحجج التي بررها للدعوة إلى التفريط بها وإزالتها! هكذا دفعة واحدة؛ لأنه يعتقد أنها بيوت غير عريقة، وأن أغلبها لا يتجاوز المئة عام. أما عن مساجدها ـ ورغم كثرتها وتنوعها التاريخي ـ فهو يقدرها بين مسجدين أو ثلاثة!.
بكل تأكيد لم أجد في مقالته أية حقيقة تاريخية تدعم هذا الادعاء، ولم أقرأ فيها قرينة واحدة تشكك في عراقة هذه البيوت. بدلا من ذلك رأيته وقد قفز دون مستند ولا مرجعية إلى نتيجة انطباعية خلص فيها أن عددا قليلا من المباني "تجاوز عمرها المئة عام"، وهو رأي مخالف للحقائق.. فأي مطلع على عمران جدة ـ وليس بالضرورة على تاريخها ـ يعرف أن هذه البيوت تجاوزت العمر الزمني الذي يقوله الأستاذ السريحي، فعلى أبواب بعضها مسجل تاريخ بنائها وعلى واجهاتها برواشينها آثار الفنون المملوكية والتركية. أما مساجدها القديمة فهي "سبعة" غير الزوايا المنتشرة في أحيائها العتيقة؛ لتؤكد أنها ليست كما ذكرها بين 2 أو 3.
وإضافة إلى هذه الحقائق، سوف آخذ بما ذكره عن البيوت الأوروبية التي تجاوزت الـ700 عام وأطرح سؤالين: الأول لماذا لم يهدم الأوروبيون بيوتهم عندما كانت أعمارها أقل من 100 عام؟! الثاني إذا افترضنا أن بيوت جدة لم تتجاوز الـ100 عام، لماذا لا نفعل مثل الأوروبيين فنتركها تكمل دورتها في الحضارة والعمران بدلا من الخوف من لغة المكان؟
ترى لو استمعنا لمثل هذه الأفكار وهدمنا بيوت جدة "البلد" برواشينها، ماذا ستقول اليونسكو والأمم المتحضرة؟ لا أتمنى أن يُكتب: هنا كان تاريخ، والجرأة أزالت التراث؟!.