رغم الفوارق في الثقافات والموروثات الاجتماعية لأبناء الجاليات المقيمة في المدينة المنورة في العادات والتقاليد فإن شهر رمضان يوحد الثقافات ويجعلهم يشتركون في الثقافة الحجازية.

"الوطن" تجولت في أحياء المدينة التي يسكن غالبيتها المقيمون، ورصدت مشاعرهم في هذا الشهر الكريم، وكيف يقضي أبناء الجاليات المسلمة رمضان بعيدا عن أوطانهم.

وفيما يحرص أغلب المصريين العاملين في المدينة على التواجد في وطنهم بالتزامن مع المناسبات الدينية خصوصا في أيام الشهر الفضيل، لقضائها وسط أجواء أسرية تحفها عادات وتقاليد راسخة، غير أن أوضاع العمل وتقلب الظروف السياسية أجبرت الكثير منهم على قضاء شهر رمضان بعيدا عن ذويهم.

خالد جمعة، مقيم مصري، قال: رمضان هذا العام هو الأول له بعيدا عن وطنه، مؤكدا أن الشعائر في كل مكان واحدة، لكن التقاليد والأجواء ومائدة الطعام تختلف. وأضاف أن أهم ما يميز هذا الشهر المبارك في مصر هو أنه عقب الإفطار تكتظ المساجد بالمصلين لتأدية صلاة التراويح وتنشط صلة الأرحام، ويكثر البعض من زيارة الأقارب، فيما يحب آخرون السهر في المقاهي إلى موعد السحور. وقال جمعة إنه لتفعيل هذه العادة في المدينة خلال هذا الشهر الذي يقضيه بعيدا عن أسرته، قام بتكثيف زياراته لعدد من الأسر المصرية القريبة منه والتي تقضي رمضان هذا العام في المدينة المنورة.

أما إبراهيم ناجي، وهو من ذات الجنسية فيقول: اعتدنا في بلدنا في نهار الشهر الفضيل أن تقوم الأسر باقتناء ما يلزمها لتحضير أشهى الأطباق، أما في ليل رمضان فتكتظ المقاهي والاستراحات الشعبية للاجتماع، ومناقشة آخر مستجدات الأخبار والأحداث، مضيفا أن كل هذه الأجواء نعمل على تجسيدها في المدينة عبر التجمع والتواصل مع الأصدقاء وأبناء وطننا، مبينا أن هناك محلات شعبية واستراحات يقضون فيها أوقات السمر ومناقشة مستجدات أحداث الساحة المصرية.

أما نصير الحسامي وهو مقيم سوري، فيقول: سبق لنا صوم رمضان في المدينة المنورة، ورغم الاختلاف والفرق الكبير في العادات والتقاليد، فإننا نعمل على أن يكون شهرا شاميا عن طريق استدعاء التقاليد والعادات التي تربينا عليها في الشام، ورغم أنه جهد صعب لكننا نعمل على ذلك دوما، ففي الشام تحتشد الموائد خلال شهر رمضان بالعديد من الأطباق، من بينها المقبلات والفطائر والحلويات وغيرها من الأطعمة التي يكون من الصعب علينا تذوقها والاستمتاع بها في ظل الظروف السياسية التي تمر بها سورية حاليا.

وبين أن كثيرا من المحسنين ينظمون موائد للإفطار الجماعي، مما جعلهم يحرصون على الحضور لها للالتقاء بأصدقائهم حول تلك الموائد مستدعين تقاليدهم الشامية ببعض الأناشيد والأشعار، التي ترحب بمقدم هذا الشهر الكريم، وبحسب الحسامي فإن اختلاطهم بباقي أبناء الجاليات المقيمة في المدينة جعلهم يأخذون بعض التقاليد الاجتماعية الأخرى من أشقائهم العرب المقيمين في المدينة.

أما ناصر السعيد وهو مقيم يمني فتحدث عن الشهر الفضيل وتذكر الأجواء اليمنية في قضاء ليالي هذا الشهر الكريم. وقال: رمضان في اليمن يعتبر مناسبة اجتماعية دينية تعبر عن مدى حيوية التراث الثقافي اليمني، ففي هذا الشهر نجد الوجه الديني للاحتفال برمضان متمثلا في قراءة القرآن وحلقات الذكر وملازمة المساجد.

وأشار إلى وجود جوانب أخرى فنية وشعبية كالاستماع للشعر والقصائد الدينية والجلوس وتبادل قصص الأنبياء وسير صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم واستعادة العديد من الحكايات الشعبية والشوارع تزينها مواكب الأطفال بفوانيسهم وأغانيهم الجميلة.

وتابع السعيد قائلا: يشكل الوجه الشعبي حضورا في قائمة الطعام الغنية المتنوعة في موائد هذا الشهر، مضيفا أنه ورغم اختفاء العديد من المظاهر الجميلة التي يمتاز بها رمضان في اليمن، أجد نفسي تحن لرؤيتها والصوم بين الأهل.