هو أجيال من التعب والإصرار في مشواره الطويل لتكوين اسمه كأحد أهم الأسماء الوطنية والعربية في ميدان المال والأعمال، لا يجيد سوى الإيمان بالمغامرة لخوض الجديد واقتناص الفرص في تقديم الخدمات التجارية حين كان السائد في أوساط المستثمرين هو التقليد، ولعل بذرة العمل الخاص والتجارة التي تنبه لها منذ صغره حين كان بائعا لـ"البلية" في مرفع رأسه مكة المكرمة جعلته يدرك أهمية وضرورة التخطيط لخوض التجارب الخاصة بعيدا عن أروقة العمل الحكومي الذي تركه صالح بن عبدالله كامل بعد عشر سنوات فقط من عمله الأخير بوزارة المالية.
في واقعه وما عاشه مع نفسه، ترى النجاح والفشل ومنها تتوالد الكثير من الصور لجيل هذا اليوم من شباب الأعمال الذي قد يظن ولو لوهلة أن النجاح يجب تحققه من أول خطوة وفي كل خطوة، يقول صالح كامل: "لم أصعد السلم فجأة فقد نجحت في أشياء وفشلت في الكثير ولكن الناس لا ترى غير النجاح"،
لا بد لمن في مكانته أن يكون له الكثير من الأعداء أو المنافسين على حد سواء، لكنه يمتلك تلك الشخصية البسيطة والمتواضعة في قربها من الناس، كما تجد في علاقاته تلك المساحة من الحب التي تتسع في آن واحد لشيخ وعالم جليل وصديق حميم هو محمد متولي الشعراوي الذي شرح له طريقة المضاربة الإسلامية، ولكوكب الشرق أم كلثوم التي حضر لها أكثر من حفلة غنائية، معادلة تفسر إيمانه باعتدال الإسلام ونفيه للتزمت.
خرج صالح بعد كل تجاربه بتعلم درس صالح لأن نرويه هنا؛ ألا وهو ألا يثق ثقة مطلقة في أي شخص يأتمنه على مصالحه، لذلك يغيب في الصدمة والكآبة حين تكون الخسارة هي خسارة الرجال، فهل كان عاطفيا في إدارة أعماله؟ ربما، لكنه وحتى آخر أعماله وأفكاره التجارية كان رائدا لكل ما هو جديد ومغاير في دهاليز التجارة، وفيما يريد لمؤسساته أن تنفرد به من خدمات، وهنا تتضح شخصيته المولعة بالمغامرة لكنها في اللحظة ذاتها المغامرةُ المدروسة حين يقول: "على الإنسان ألا يتكبر على العمل وألا يستصغر آماله".
صالح كامل الذي ولد بمكة عام 1360 بدأ حياته ببائع بليلة في أزقة وشوارع مكة ثم معقبا وبعدها موزعا للبريد الطواف، هو دون شك عراب الاستثمار في المجال الإعلامي بإنشائه عام 1968 الشركة العربية للإنتاج الإعلامي كأول شركة عربية في القطاع الخاص، وحين اتسع سوق الإعلام ورخص وكثر مرتادوه من القادرين عليه، والمتطفلين، تركه صالح كامل، فلم يعد لديه سوى قناة "اقرأ" إلى جوار مجموعة دلة البركة التي أسسها عام 1982 وهو في الوقت ذاته أحد رجالات المصرفية الإسلامية.
تعرض صالح للعديد من التحولات والمراجعات التي أجراها لنفسه وبنفسه، وهو بعد تجربته تلك يعد مدرسة لم تفتح أبواها حتى الآن ليتعرف المهتمون والمغامرون من خلالها على قصص فشله قبل تجارب نجاحه.