على الرغم من السرية والغموض الشديد الذي أحاط بكيان جماعة "الإخوان المسلمين" منذ نشأتها حتى وصولها للحكم في مصر، خاصة أنشطتها ومصادر تمويلها، أو حتى عدد رجال أعمالها وحجم استثماراتهم، وهل هي استثماراتهم الخاصة أم استثمارات الجماعة، إلا أن خبراء اقتصاديون وعدد من قيادات "الجماعة" السابقين والمنشقين، قدروا تلك الاستثمارات بنحو 3 مليارات دولار، أي ما يعادل نحو 21 مليار جنيه مصري، زادت خلال العام الماضي بعد وصولهم إلى الحكم.
وقال خبراء ومسؤولون تحدثوا إلى "الوطن" إن استثمارات الجماعة باتت تواجه مصيراً مجهولاً، لاسيما بعد عزل الرئيس محمد مرسي، ثم قرار النائب العام مؤخراً بتجميد أرصدة وأسهم نحو 23 من قياداتها. ومع تصاعد دعوات بعض الجمعيات بمقاطعة منتجاتهم ومحلاتهم، حيث شرع عدد من قيادات الجماعة بالفعل وعلى مدار العام الماضي في السيطرة على مقاليد الاقتصاد في مجالات عدة للهيمنة على مفاتيح الاستثمار، وسعوا لتكرار نموذج رجال أعمال "الحزب الوطني" المُنحل، خاصة أنهم عملوا على تمرير تشريعات وقوانين بمجلس الشورى الذي كانوا يهيمنون عليه لخدمة أعمالهم ومشروعاتهم مثل مشروع "محور قناة السويس" و"الصكوك الإسلامية".
وأشار الخبراء إلى أن الجماعة تعمدت استخدام شخصيات غير معروفة إعلامياً، وإظهارهم على أنهم رجال أعمال الجماعة، كواجهة لإخفاء أموالها. كما أن بعض القيادات البارزة مثل نائب المرشد خيرت الشاطر وكذلك حسن مالك، قاموا بتوسعة استثماراتهم بالفعل خلال الفترة الماضية، حيث أعلن الشاطر عن تدشين سلسلة محلات سوبر ماركت باسم "زاد" تضم 15 فرعاً في حي "مدينة نصر" فقط قبل عدة أشهر وإعلانه عن فتح 150 فرعاً في مختلف مدن القاهرة. وقام بنفسه بافتتاح هذه المحلات، إلا أنه تكتم على حجم استثمارات هذا المشروع، ولم يفصح عنه بالرغم من أن "الوطن" سألته آنذاك عن التكلفة الاستثمارية لهذا المشروع، إلا أنه رفض الإجابة، وهو ما يؤكد أن الجماعة تعمدت إخفاء حجم استثماراتها في مصر.
من جهته أكد مصدر مسؤول بالبورصة في تصريح خاص لـ"الوطن"، أن قيادات بارزة في جماعة "الإخوان"، بدأت بالفعل في توجيه جانب كبير من استثماراتها إلى سوق المال المصري للسيطرة عليه، مؤكداً قيام قياديين بالجماعة بالفعل ومنذ شهرين تقريباً، بتأسيس مجموعة من الشركات الكبرى لإدارة المحافظ والوساطة في الأوراق المالية وصناديق الاستثمار، على أن تكون تلك الشركات بمثابة أذرع استثمارية للجماعة بسوق المال للسيطرة والهيمنة عليه، وكان مقرراً أن تبدأ تلك الشركات عملها خلال الشهرين المقبلين.
وبدوره أكد أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة "مصر الدولية" الدكتور مصطفى النشرتي، أن جماعة الإخوان وضعت مشروعات وهمية بالموازنة العامة دون تنفيذها للحصول على قروض، وطالب بإعادة النظر في قانون "الصكوك، مشيراً إلى أن الجماعة وضعت بموازنة الدولة العامة عددًا من المشروعات دون تنفيذها، وتركت تمويلها للصكوك حتى تكون مرجحة للحصول على قروض خارجية، ولخدمة مصالحهم فقط.
ويؤيد هذا الرأي القيادي السابق المنشق عن الجماعة المحامي ثروت الخرباوي، قائلاً "حجم استثمارات الإخوان داخل مصر يصل إلى نحو 25 مليار جنيه، معظمها نتاج استثمار عبر سنوات طويلة، واجهت خلالها الجماعة أقوى وأشرس الضربات الأمنية". وأضاف الخرباوي أن الجزء الأكبر من استثمارات "الإخوان" خارج مصر، خاصة في "تركيا" و"هونج كونج" بسبب تضييق الخناق عليهم في عهد نظام مبارك. وأن الاحتياطي النقدي للإخوان المسلمين يقدر بما لا يقل عن 40 مليار دولار احتياطي مدخر للإخوان المسلمين، بعد إضافة ناتج الاستثمارات بالخارج والأصول وما إلى ذلك، أي أكبر من الاحتياطي النقدي للحكومة المصرية حالياً.
من ناحية أخرى دشنت مجموعة من الحركات الثورية والمنظمات، أبرزها حركة "تمرد" ومنظمة "مواطنون ضد الغلاء"، حملة بمقاطعة منتجات "الإخوان" وشركاتهم، التي تضم نحو 52 شركة ومحالا تجارية على رأسها محلات "التوحيد والنور" سلسلة محلات "زاد" و"استقبال" للأثاث ومجموعة "سعودي" وعدداً من شركات الصرافة وشركات السياحة.