هل يوجد بيننا عاقل يتوقع أنه لا مطر بلا حوادث ويبرر دهشته العارمة بأن ما حدث في سيول الخير مؤخرا، من انكشاف لسوء إدارة تأهيل البنية التحتية في بعض المناطق ـ ولا أعمم ـ كما يفعل السفهاء، وأن تداعيات ما خلفته الأمطار برمته يعود لحالة فساد مطلق، دون تحديد هل يقصد فسادا حكوميا رغم إسناد مشروعات البنية التحتية لشركات قطاع خاص، أم إنه يقصد الجميع فيكون لأبناء هذا البلد نصيب ليس بالقليل من هذا الاتهام السافر؟!

أبرز ما خرجت بضرورته الماسة، هو فصل الحالات العامة مثل اكتظاظ بعض الأنفاق وما بني منها قديما وانهيار جسر، ما يعني ضرورة الكشف على جميع الجسور القديمة والأنفاق التي سدتها مخلفات الأراضي التي جرفتها السيول، وإخضاعها ضمن خطة إدارة أزمة عاجلة للفحص والتقييم الجذري، وللحالات الخاصة التي حاصرتها السيول إجراء فحص لوسائل تصريف المياه في طرقاتها، وإدارة حلول عاجلة، وعدم وضع الخطط الخمسية والعشرية لحلها، فهي ليست ضمن دوائر التنمية المستدامة، بل ضمن مشاريع الطوارئ والترقيع والترميم الموقت.. فيما عدا ذلك ما حدث وسيتكرر وربما يكون منسوب المياه وكمية الأمطار وفقا لمقياس آخر حدث غير مسبوق، ومعدل ارتفاعه مرشح وبقوة للتفاقم.

فهل سنعيد إنتاج حالة الانتحاب والعويل، أم نكون جزءا من الحل بالاعتراف بأننا أمام أوضاع، لا يكون التباهي بنقدها انتحابا وسيلة لتغييرها؟.

من المهم فك احتكار شركات كبرى لا تستحق أن يبقى مصير المشروعات الوطنية في يدها، وأثبتت أنها قدمت أداء غير لائق، ومحاسبتها، إعادة مشروعاتها مع دخول العنصر الوطني شريكا ومراقبا؛ حتى تصلح الأخطاء، غربلة السوق وإخراج الشركات المترهلة منه، ورفع كفاءة الأداء بفتح فرص المنافسة مع دعم الشركات الوطنية، وتطبيق قوانين صارمة تجاه أي ترهل أو تدن في الجودة. وكما يخرج المتحدث الرسمي ليرد على استفهامات المجتمع حول ملف الإرهاب، نحتاج للمؤتمر الصحفي حول السيول، ولأننا نتحدث عن سيول طالت جميع مناطقنا، المتحدث عن سيول جميع المناطق يعني أنها مبادرة ملحة للمتابعة مع الصحافة حول جديد إعادة تأهيل البنية التحتية، التحقيق وإعلان المقصرين لا يكفي. مع إنزال العقوبات الصارمة والتشهير لصفع الباب في وجه المزايدين يعد من الحلول الجذرية.

هناك ما هو أسوأ ويرتبط بالرؤية المتذمرة كحالة من حالات السيولة الأخلاقية.. تتفشى كالوباء سيشهد التاريخ بأنها كانت أمطار خير وبركة وتذمر من فئة مريضة، تقتنص الفرص للتهييج.