كان أسبوعا غنيا بالتجارب بالنسبة إلي، وأهم ما نتج عنه سؤال ما زال يدور في عقلي عن مقولة أجنبية تقول: "إنك تستطيع أن تنزع الطفل من الشارع، ولكنك لا تستطيع أن تنزع الشارع من الطفل"؛ بمعنى أنك بالمال تستطيع أن تغير حياة طفل مشرد وتنتشله من الشارع، ولكن: هل المال وحده كفيل بتحسين حياة الطفل؟
أتذكر ـ هنا ـ كلمة قالها صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير، عندما قال في أحد الحوارات التلفزيونية: "الخير واجد لكن ما هنا دبرة"، حينها قام تويتر ولم يقعد؛ مناقشات واتهامات، وكالعادة ليست هناك نتيجة أو جواب على سؤال مهم هو: لماذا "ما هنا دبرة"؟!
في هذا الأسبوع تعاملت مع أكثر جهتين تم الانفاق عليهما ماديا، لكن ـ مع الأسف ـ لم تكن تجربة ناجحة على الإطلاق، لكنني استفدت كثيرا على المستوى الشخصي.
التجربة الأولى، كانت مع جامعة الأميرة نورة، ولكي أكون أمينة هنا، التجربة لم تكن مع طالبات، بل مع موظفات الجامعة أنفسهن، ومع موظفات الشركة المسؤولة عن التشغيل، فرغم المبالغ الخرافية التي تدفع لهن، لكن للأسف "ما هنا دبرة"، حيث أمضينا ما يقارب الـ45 دقيقة نشاهد 7 فتيات يحاولن إصلاح أو تشغيل شاشة العرض في المسرح، الذي من المفترض أنه معد لهذا الغرض!
ثم انتقلنا إلى قاعة اجتماعات، فكان التكييف فيها لا يعمل! ولن أتطرق هنا لدورات المياه التي كان وضعها مزريا، ولن أتطرق هنا للحديث عن الموظفات؛ لأن العدد الذي قابلته كان ـ نسبيا ـ قليلا رغم قدومهن من كليات مختلفة.. كان هناك شيء مشترك، ألا وهو التذمر الواضح وعدم الرضا من طريقة تعامل إدارة الجامعة معهن، ويمكن لأي زائر أن يشعر بالطاقة السلبية العالية في هذه الجامعة!
أما التجربة الثانية، فكانت مع برنامج جديد يعول عليه كثيرا، ورصدت له ميزانية خاصة، ولأسباب مهنية، لن أستطيع الحديث عنه بالتفصيل، لكنني ـ بصراحة ـ صدمت من تباين المستوى بين احتفال الرجال الذي كان ناجحا بجميع المقاييس، واحتفال النساء الذي كان دون المستوى تنظيميا!
هنا أعود لأتساءل: هل نحن النساء لم نعط حقنا أم "ما هنا دبرة "؟!
أم إننا أُعطينا المهام، وكلفنا بها، ولكن سحبت منا الأدوات والصلاحيات؛ لأننا ما زلنا مجتمعا ذكوريا بامتياز؟
أتمنى أن نعود إلى القرآن ونتعلم أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ لم يفرق بين الرجل والمرأة في الأعمال، خاصة في الأمر بالتعاون وتكامل الجهود، وتوحيدها، وعدم الاتكالية، مما يدخل في موضوع عدم ترك الآخرين أمام الأمر الواقع دون دعمهم، وتسهيل سبل النجاح أمامهم، وإليكم بعض هذه الآيات الدالة على ذلك، ومنها قول الحق تبارك وتعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" [آل عمران: 103]، وقوله عز من قائل: "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" [المائدة: 2]، وقوله سبحانه: "إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص" [ الصف: 4].