تقف مئذنة مسجد عمر بن الخطاب بمحافظة دومة الجندل بالجوف شاهدة على عصر الإسلام الأول، وشامخة كأول مئذنة في الإسلام، وأحد أهم المواقع الأثرية لسيرة الخليفة الفاروق الذي أمر ببنائها عندما كان متجهاً لبيت المقدس عام 16 للهجرة. ولا تزال المئذنة محافظة على شكلها المعماري رغم عوامل البيئة والتعرية لأكثر من 14 قرناً.

ويقع مسجد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في وسط مدينة دومة الجندل القديمة ملاصقاً للحي القديم من الجهة الجنوبية، ويعد من المساجد الأثرية المهمة بالمنطقة إن لم يكن الأهم على مستوى المملكة. وتكمن أهمية المسجد في طريقة تصميمه التي تمثل استمرارية لنمط تخطيط المساجد الأول، ويذكر بتخطيط مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة في مراحله الأولى الذي بني سقفه من الأثل وسعف النخيل المغطى بالطين، فيما يعتبر الجزء الخلفي من المسجد عبارة عن خلوة ومكان للصلاة في الشتاء حينما يشتد البرد.

ويعتبر المسجد من أقدم المساجد الأثرية التي لم يتبدل تخطيطها، وتقع مئذنته في الركن الجنوبي الغربي وتنحرف عن مستوى جدار القبلة. وقاعدة المئذنة مربعة الشكل، طول ضلعها 3م، وتضيف جدرانها الحجرية إلى الداخل كلما ارتفع إلى الأعلى حتى تنتهي بقمة شبه مخروطية يبلغ ارتفاعها الحالي 12.7م، فيما استخدم حجر "الجندل" في بناء المسجد والمئذنة، وهي حجارة صلبة وتتكون من خمسة مستويات.

ويقول مدير متحف الجوف للآثار والتراث الشعبي أحمد القعيد لـ "الوطن" إن مسجد عمر بن الخطاب عادة ما يرتاده الزوار، خاصة في ليالي رمضان أو المهرجانات، وإن الآثار تستهوي الزوّار، خصوصاً أن المسجد فريد في نوعه ويستحق الزيارة لتميزه بمئذنة فريدة أيضا في نوعها في الجزيرة العربية، إذ يؤكد المؤرخون أنها أول مئذنة في الإسلام، ويصل ارتفاعها إلى 13 متراً، وأعيد ترميم بناء المسجد مؤخراً، إلا أن المئذنة بقيت محافظة على شكلها منذ أن بنيت في عصر صدر الإسلام.

ومئذنة مسجد عمر بن الخطاب عبارة عن كتلة معمارية مقامة على دعامتين مستطيلتي القطاع، يعلوهما قطع حجرية ضخمة مكونة من 8 قطع كأعتاب، فيما يتم الصعود إلى المئذنة بواسطة درج خارجي مقام على قطع خشبية ضخمة، يصل بالداخل إليها باب قليل الارتفاع في ضلعها الشمالي الشرقي، ليبدأ بعده السلم الداخلي للمئذنة الذي قوامه قلبات متعامدة مقامة على قطع من جذوع النخيل الضخمة، ويمكن تمييز 6 مستويات للمئذنة من الخارج، ويوجد بكل من المستوى الثاني والثالث والرابع والخامس أربع فتحات مستطيلة الشكل يعلو كلا منها حجران موزعان على أضلاع المئذنة الأربعة للإضاءة والتهوية، ولوصول صوت المؤذن للصلاة إلى الناس.

وتذكر بساطة التصميم العام للمسجد بطابع البساطة الذي ساد معظم المساجد الإسلامية الأولى بالبصرة والكوفة، كما أن السلم الخارجي للمئذنة، يذكر بملوية سامراء بالعراق وبمئذنة مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة.

وفي الوقت الحالي، ارتبطت معالم التراث العمراني بمنطقة الجوف خاصة مئذنة مسجد عمر بن الخطاب بشعارات بعض الدوائر الحكومية والأهلية والمهرجانات الرسمية بالمنطقة، وحرص عدد من الدوائر الحكومية على اعتماد شعار لها يضم في محتواه مئذنة مسجد عمر بن الخطاب، ومنها سياحة الجوف، وجامعة الجوف، وأمانة الجوف.