لو كنت في مقتبل شبابي، وقد تخرجت في الجامعة وفي يدي شهادة تخصص نظري ولم أجد عملا أعيش منه، لأسرعت وامتهنت حرفة أو صنعة تمس حاجات الناس اليومية، وعملت مشروعا أمارس فيه هذه الصنعة بنفسي بدلا من تضييع الوقت في البحث عن وظيفة راتبها متواضع بسبب تخصصي النظري. لا تحتاج مثل هذه المهن إلى دراسة جدوى، فيكفي الاستطلاع على أي شارع حيوي لنجد أمامنا كمًّا هائلا من العمالة الأجنبية تعمل في هذه المهن دون منافسة، حيث تركناها لهم تعففا! الآن حانت فرصة شبابنا لملء الفراغ في هذه المهن التي رحلت عنها هذه العمالة.
بعد تصحيح أوضاع العمالة، بدأ السوق يشهد نقصا في العمالة في كثير من الأنشطة والحرف، وهو شيء طبيعي، بمعنى أن الطلب ازداد على السلع والخدمات التي كانت بيد العمالة المرحلة، ومن غير الطبيعي ألا نملأه. لذلك انفتحت أمام الشباب فرص كبيرة ليسدوا هذا الفراغ، ويكونوا هم أصحاب أعمالهم، يديرونها ويعملون فيها بأنفسهم: بدءا من البقالات الصغيرة ومحلات الخضار والكافتيريات والمطاعم السريعة والمخابز. أما خريجو المعاهد الصناعية، ففي مقدورهم إنشاء مؤسساتهم في مجال الخدمات البسيطة المنزلية "كهرباء، سباكة، نجارة، بناء"، وكذلك في ورش الطلاء وإصلاح السيارات. عندما يلتحق الشباب بهذه الأنشطة، فسوف يكتشفون أن عائدها الربحي كفيل بتدبير الدخل الشهري، وفي نفس الوقت سيكون مغريا للتوسع والانتشار.
هذه فرصة الشباب، خاصة أنهم يواجهون تنافسا قويا في سوق القطاع الخاص؛ بسبب عدم مواءمة أغلب التخصصات النظرية مع متطلبات وظيفة القطاع الخاص. والآن بإمكانهم إعادة التفكير في بناء مستقبلهم، من العمل لدى الغير إلى العمل لأنفسهم، فيكونون أصحاب أعمالهم في أنشطة لا تحتاج سوى قليل من التدريب والصبر والمثابرة والعمل وفق قواعد السوق.