xعلى الرغم من النتائج الإيجابية المتحققة لـ"حصر الفتوى" بأعضاء هيئة كبار العلماء، وهو القرار الذي صدر في رمضان ما قبل الماضي، ويدخل هذا الشهر عامه الثالث، إلا أن اجتهادات بعض المفتين على موقع التواصل الاجتماعي الشهير "تويتر" باتت تمثل مصدر قلق لهذه الجهود.

ولاقت مسألة تقنين الفتوى، إشادات من علماء في المملكة وعدد من المجامع الفقهية نظرا لما لمس من تنظيم للفتوى وتقنين لها ومنع الشواذ والآراء.

يأتي ذلك، فيما طالب متخصصون بإعادة فرض تطبيق هذا القرار والتشديد على المتراخين وغير المتمسكين به وإيقاع العقوبات بحقهم.

أمام ذلك، اعتبر القاضي بوزارة العدل، وعضو مجلس الشورى، الدكتور عيسى الغيث لـ"الوطن" أن قرار حصر الفتوى جاء في وقته المناسب، معللا ذلك بالقول بأنه منذ مدة طويلة تمت ملاحظة استقرار الوسط الشرعي، وانحسار غالب الشعب في الفتاوى الغوغائية التي لا تراعي مصالح العباد ولا أمن البلاد، قائلا: لدينا مجموعة من برامج الإفتاء في القنوات الفضائية و"النت" وهي مخالفة للقرار ولا بد من اتخاذ أي إجراءات رادعة تجاهها.

واستحضر القاضي وعضو مجلس الشورى خلال حديثه شهر رمضان، الذي أكد أن المشكلة تستفحل فيه حيث تكثر الفتاوى المخالفة.

ودعا الغيث إلى تجديد فرض تطبيق القرار، مفيدا في الوقت ذاته أن ذلك يتم عبر منع ومعاقبة المخالف.

وتابع الغيث قائلا "مشكلتنا أن هناك فتاوى غوغائية تخرج من كونها تعبيرا عن رأي وحرية فردية إلى كونها تشغيبا على الأمن وتحريضا على السلم وتأليبا على الدولة، وهذا موجود عبر عدة وسائل على رأسها قنوات فضائية خاصة ذات أجندات حزبية مناوئة للبلاد والعباد ومراكز تنظيمية تحت دعوى البحوث والدراسات والتدريب والاستشارات والنشر والتوزيع بالإضافة لمواقع إنتزنت وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما تويتر حيث تنشر بواسطتها البيانات الجماعية والفردية والفتاوى المتطرفة والإرهابية".

من جهته، قال الأستاذ المشارك بقسم الدعوة والاحتساب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور إبراهيم بن عبدالله المطلق، إن الفتوى يجب أن تحصر على ذوي الاختصاص المعتبرين والمعينيين من قبل ولي الأمر والذين عرفوا بغزارة علمهم وفقههم وعرفوا بسلامة معتقدهم ومنهجهم وعرفوا بتقواهم لله وورعهم، مبينا في الوقت ذاته أنه في عصر النبوة ومع وجود كبار الصحابة وفقهائهم لم ترو السنن والسير أن هناك من أفتى في مسائل الدين غير النبي صلى الله عليه وسلم.

وأشار المطلق خلال حديثه لـ"الوطن" أنه في عصر الخلافة الراشدة لم يعرف أن أحدا من الصحابة رضي الله عنهم تجرأ على الفتوى إلا من أذن له من قبل أمير المؤمنين وهكذا كان كبار التابعين رحمهم الله يتدافعون الفتوى لشدة ورعهم وخوفهم من الله عز وجل.

ولفت المطلق أن الأمة الإسلامية ابتليت في الوقت الراهن بالكثير من الفتن والمحن فضلا عن التفرقة والاختلاف وكثرة الفرق والجماعات التي ظهرت في الساحة ولدى بعضها مخالفات عقدية ومنهجية وانحراف عن أصول أهل السنة والجماعة فإن من الحكمة وسداد الرأي قصر الفتوى على كبار العلماء المعينين من ولي الأمر.

واعتبر أستاذ الدعوة أن من مصالح حصر الفتيا عدم تشتيت الناس في مسائل عقدية ومنهجية مهمة لافتا إلى أن من بين تلك المصالح أيضا "حماية العقيدة والشريعة من العبث" وكذلك حماية الأرواح والممتلكات عطفا عن حماية الضرورات الخمس التي جاء هذا الدين لحمايتها وهي الدين والعقل والنفس والعرض والمال. وأشار المطلق إلى أن الأحداث التي اجتاحت العديد من أقطار الأمة الإسلامية في عصرنا الحاضر جذبت التحليل والتحريم لقضايا شرعية ومسائل هامة وفق الهوى ووفق فقه المرحلة لأحزابهم وجماعاتهم.