وضع المركز السعودي لكفاءة الطاقة "كفاءة" خطة عمل وطنية ترتكز على 3 محاور أساسية، هي "المباني" و"الصناعة" و"النقل"، والتي تستهلك أكثر من 90% من الاستهلاك المحلي للطاقة، مشخصة مواضع الهدر في كل قطاع، الأمر الذي دفع المركز للبدء في برنامج وطني شامل لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة بمشاركة 8 وزارات و9 هيئات ومؤسسات وجهات حكومية، إضافة إلى 3 شركات حكومية وممثلين من القطاع الخاص.

وفي الوقت الذي حدد فيه المركز توزيع استهلاك الطاقة في المملكة بواقع 51% لقطاع الخدمات، و21 لقطاع النقل، 15% لقطاع الصناعة، و5% لقطاعات أخرى، أكد على أن أهداف البرنامج تتمثل في تحسين كفاءة الطاقة في المملكة، وتحديد قيم محددة لكفاءة الطاقة في كل قطاع يتم مراجعتها بانتظام، وتصميم برامج خاصة لرفع الكفاءة، والتواصل مع جميع الجهات ذات العلاقة سواء حكومية أو خاصة أو في المجتمع.

ووفقاً لتقرير موسع عن جهود المركز وخطة سير البرنامج الوطني لترشيد الطاقة ورفع كفاءة استهلاكها، الذي وزعه المركز أمس وحصلت "الوطن" على نسخة منه، فإن التوقعات تشير إلى تسارع نمو الاستهلاك المحلي من البترول والغاز بشكل كبير وبمعدل يتراوح بين 4 و5 % سنوياً.

تعاون وزاري

ويعكف المركز على تحقيق هذه الأهداف بالتعاون مع كل من وزارات البترول والثروة المعدنية، والمالية، والتجارة والصناعة، والمياه والكهرباء، والإسكان، والشؤون البلدية والقروية، والنقل، والثقافة والإعلام، وهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، ومدينة الملك عبد العزيز للطاقة الذرية والمتجددة، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، والمؤسسة العامة لتحلية المياه، ومصلحة الجمارك، واللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة، وأرامكو السعودية، وسابك، والشركة السعودية للكهرباء، إضافة إلى ممثلين من القطاع الخاص.

تحديات المباني

وبحسب التقرير فقد حصر المركز التحديات التي تواجه جهود كفاءة الطاقة بقطاع المباني في انخفاض فواتير الكهرباء، وانتشار الأجهزة ذات الكفاءة المتدنية، وتضارب المصالح، وضعف معايير الرقابة وضبط المنتجات، إضافة إلى انخفاض معامل كفاءة الطاقة، الأمر الذي دفع المركز لتوقيع مذكرات تفاهم مع خمس جهات حكومية وشبه حكومية لتطبيق معايير كفاءة الطاقة في المباني الجديدة، فيما يقوم البرنامج بدراسة أفضل الممارسات العالمية لتحديد المقاييس التي تؤمن أنسب درجات كفاءة الطاقة في المكيفات، ومواد العزل الحراري، والإنارة، والأجهزة المنزلية.

كما يقوم البرنامج بتطوير مبادرات خاصة بالمباني الحديثة بدءاً من الوحدات السكنية التي يتم تطويرها بتمويل حكومي مثل وزارة الإسكان التي تطور نصف مليون وحدة سكنية، مروراً بالمباني الحكومية الجديدة من مساجد، وجوامع، ومدارس، ومستشفيات، وانتهاءً بالمباني الخاصة والمخطط إنشاؤها للتأكد من تماشيها مع أهداف البرنامج.

تحديات الصناعة

وأضاف التقرير أنه فيما يخص الصناعات القائمة، سيتم تحديد مستهدف كمي لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في فترة زمنية محددة بناء على مستوى الكفاءة الحالي للمنتجات المستهدفة، وذلك بالتوافق مع المستويات والخبرات الدولية السابقة، وسيراعى توفير آليات لتمكين المصانع من الوصول للهدف دون التأثير على قدراتها التنافسية. أما فيما يخص المصانع الجديدة، فإن الفريق يعمل على وضع معايير قياسية لكفاءة استهلاك الطاقة في صناعات الحديد والأسمنت وصناعة البتروكيماويات كشرط أساسي لإقامة المشاريع، للتأكد من مواءمة هذه المصانع للمعايير الدولية، بالإضافة إلى تحديد مواصفات سعودية لكفاءة استهلاك الطاقة للمعدات المشتركة بين الصناعات المختلفة كالمحركات والمراجل والغلايات بما يتوافق مع المواصفات الدولية.

تحديات النقل

أما في قطاع النقل فسيقوم البرنامج، بحسب التقرير، بتحديد متطلبات بيع سيارات الركاب الجديدة في السوق المحلي، بما في ذلك إلزام موردي السيارات بتوفير معلومات عن اقتصادات الوقود، كما سيتم وضع برنامج لتسريع تقاعد السيارات القديمة واستبدالها بسيارات جديدة أكثر كفاءة، بينما سيتم فرض معايير اقتصادات الوقود للمركبة على جميع السيارات الأكثر كفاءة للمركبات الجديدة، وبالنسبة للشاحنات الثقيلة فسيعمل البرنامج على وضع مقاييس لتعديل المركبات الحالية واستبعاد المركبات القديمة، ومتطلبات تقنية محددة للمركبات الجديدة. وأوضح التقرير أن البرنامج يعمل على زيادة كفاءة استهلاك الطاقة في صناعات الحديد والأسمنت والبتروكيماويات كمرحلة أولية، حيث إنها تستهلك أكثر من 80% من استهلاك القطاع الصناعي للطاقة، وستتم تغطية باقي الصناعات في مراحل قادمة.

التخطيط الحضري

كما يسعى البرنامج فيما يخص التخطيط الحضري إلى وضع السياسات والمبادئ التوجيهية لـ3 محاور، وهي: تخطيط المدن مع مراعاة الكثافة السكانية، وتنوع المباني، والتكامل مع ما هو قائم. والمحور الثاني هو: النقل العام ويشمل البنية التحتية للنقل وعلاقتها بالكثافة السكانية. أما المحور الثالث فهو دراسة استخدام التبريد المشترك للمباني، لما لهذا النوع من دور كبير في تقليل استهلاك الطاقة، حيث يتم العمل به في العديد من الدول المتقدمة، كما يوجد في المملكة بعض المشاريع التي تستخدم هذه الطريقة من التبريد، ولكنها لم تصل بعد إلى المأمول، لذا يسعى البرنامج حالياً إلى فهم معوقات التطبيق، والعمل مع الجهات ذات العلاقة لتجاوز هذه المعوقات، وتشجيع استخدام هذا النوع من التبريد في المملكة.

ولكي يكون البرنامج متكاملاً ويحقق أهدافه، فإنه يجري العمل حالياً على تطوير عدد من الوسائل والأدوات التوعوية للمستهلك، والتي تتناول فكرة ترشيد الطاقة بأسلوب يساهم في تعريف المواطنين والسكان بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة في المملكة، وذلك على مستوى القطاعات الـ3 المشار إليها أعلاه، والعمل على تحقيق مبادرة برامج توعوية تستهدف كل فئة من فئات المجتمع، ولها رسائل، ووسائل إيصال، تتناسب مع المبادرة، مثال ذلك حملة العزل الحراري، وحملة استخدام المكيفات ذات الكفاءة العالية.