بعض السعوديين يفهمون الكوميديا على أنها استهبال وشخصيات تعاني خللاً عقلياً وسلوكياً؛ مثل: مدرسة قديمة، تعتمد على وجود شخصية وسط أسرة بسيطة غالباً ما تسكن في حارة شعبية، يتورط خلالها الأب بسبب تصرفات ابنه فيحاول معالجتها، ومن هنا تبدأ المواضيع والحكاية التي تتحول مسلسلاً.
صيغة أولية متورطة بالكثير، رغم المخزون الهائل من روح السخرية والضحك لدى السعوديين.. الكويتيون رغم تاريخهم الطويل والأجيال متعددة المواهب في الكوميديا، إلا أنهم يبدون مرتبكين بلا سبب، تحولت الكوميديا عندهم إلى شيء مختلف لاتفهمه، صياح وحركات سريعة وأزياء مهترئة ومحيط من الخبل الجنوني، طاقة المواضيع والأفكار تحولت إلى البرامج التي غالباً ما تعتمد على فكرة التقيد والمحاكاة، مدرسة داوود حسين وساهر، منذ أكثر من ربع قرن تحولت مع الوقت إلى صناعة كاملة وحركة إنتاج كبيرة، لكن نوعيتها تدنت بحكم استهلاك الموضوعات.
المصريون، وهم شعب الكوميديا ومنجمها الأكبر، تحولت روحهم الضاحكة الجميلة إلى أشياء أقرب إلى "الكاميرا الخفية" بلمسات جدية، لكنها في الغالب مفتعلة ومصنوعة.
السوريون، كانت لهم "اللمسة الغوارية"، وروح دريد لحام المسيطرة التي لاتغيب، إلى أن جاء أيمن زيدان في يوميات مدير عام، فوجدنا لمسة كوميديا رشيقة فاتنة خفيفة الظل والظلال، فتحت المجال لأشياء أخرى، لكنها ـوللحقيقةـ كانت روحاً مفعمة بالابتسامات والبهجة وشيئاً مختلفاً عن ما كان سائداً، تفصيلات إضافية وحشد نجوم.
المشكلة الحقيقة لهذا الفن الساحر، ليست في الإمكانات ولا في المواهب، بل في المواضيع والأفكار، الكتابة هي العامل السحري والفني القادر على خلق النجاح، الصورة والممثل مكملان مع الإخراج، والزمن أيضاً شيء مهم وإن بدا غير ذلك.
الكوميديا مثل اللياقة البدنية، تحتاج جهداً وشباباً وحيويةً وتجدداً..
أما أسوأ المدارس الكوميدية: فهي الكوميديا النقدية التي تحاول النصح والإرشاد والتوجيه.. أقول: إنها سيئة لأنها ليست فناً ولا كوميديا، هي درس ممل وتافه، يتذاكى على الناس ويدَّعي تنويرهم.