من خلال عملي في حقل الإعلام والعلاقات العامة لاحظت أن عددا ليس بقليل من المسؤولين التنفيذيين، تؤرقهم كثيرا ردود فعل الرأي العام السلبية والغاضبة والمشككة أحيانا تجاه قرارات أو مشاريع أو خطوات لها علاقة بعملهم، ويؤكدون بالوثائق والمعلومات أن ما يتداول بين الناس غير صحيح وأن ما كتب في الإعلام أيضا غير صحيح.
هؤلاء المنزعجون من غضب الناس اعتادوا على طرح مثل هذه المشاكل بحثا عن حل لها ولإيقاف تداعياتها، لكنني لم أسمع قط من أحد منهم حرصه على معرفة الأسباب قبل سماع ما يمكن أن يتم اقتراحه لتصحيح الصورة عند الرأي العام.
أقول من واقع معاش ومن حالات وقفت عليها وتعاملت معها: إن كل المشاكل تكمن في حجب المعلومات عن الناس وعدم التواصل معهم، إما بجهل وقلة وعي بأهمية الاتصال وبأهمية الإعلام أو لتحفظات وحذر لا قيمة له في يومنا هذا.
أصحاب القرار في القطاع الحكومي والخاص ومعهم المتحدثون الرسميون ومديرو العلاقات العامة والإعلام، دائما ما تأتي خطواتهم للتواصل مع الجمهور متأخرة وكردة فعل لحدث قد وقع، وهنا تكمن المشكلة، فهم لا يبادرون بتوفير المعلومة وإيصالها للناس قبل السؤال والبحث عنها، ولهذا عندما تغيب المعلومات يبحث الناس، ومنهم الإعلاميون، عنها، وحتما لن تأتي المعلومات دقيقة وشاملة عندما يتم جلبها من غير مصادرها، وبالتالي عند نشرها يغضب صاحب القرار كون ما ورد في وسائل الإعلام أو على لسان الناس غير دقيق أو غير صحيح البتة.
حل هذه المشكلة التي تعاني منها عدة جهات بشكل دائم، هو فتح نوافذ تلك القطاعات والجهات على وسائل الإعلام التي هي في الغالب الوسيلة الأقوى والأنجح للتواصل مع الرأي العام، وأن تكون هذه الجهات مبادرة في توفير كافة المعلومات للناس بكل شفافية ودقة، أما سياسة إطفاء الحرائق، التي ينتهجها بعض المسئولين لتصحيح مفاهيم خاطئة أو تغيير صورة ذهنية غير صائبة أو لنفي معلومات غير دقيقة، فلا تجدي على المدى القريب أو البعيد، لأن هذا المنهج يسلب ثقة الناس في تلك الجهات وفي أولئك الأشخاص، وينزع عنهم المصداقية، بينما التواصل معهم أولا بأول، والمبادرة بإعلامهم وإحاطتهم بتفاصيل ما حدث وما يخطط لفعله والقيام به، يزيد من مصداقية هؤلاء المسؤولين ويعزز ثقة الناس بهم ويبعد عنهم سوء الظن.