يبدو أنه كلما توسعت منظومات حقوق الإنسان من هنا، يزداد في المقابل بؤس الإنسانية وتتوسع دائرة الشقاء الإنساني على مستوى الحقوق والحريات والحياة الكريمة، ولهذا تواجه منظمات حقوق الإنسان العالمية والمحلية تحديات كبيرة أمام التعامل مع مأزق الإنسانية التي تبدو في هذا الوقت في أكثر حالاتها اضطراباً وتمزقاً ما بين: حروب، وعنصرية، ومشكلات اقتصادية.
حقوق الإنسان لم تعد الكلمة الأكثر احتراماً بعد أن فقد "الإنسان" الكثير من حقوقه.. فقد حياته وأمانه تحت سمع وبصر المنظمات والهيئات الحقوقية، لأن حقوق الإنسان لا تعرف حدوداً، وليست مادة إعلامية، أو إنشائية، ومن هنا يأتي التحدي بين حالة حقوق الإنسان على أرض الواقع، وحالة حقوق الإنسان داخل المنظمات والهيئات "البيروقراطية" النظرية التي لم تعط للإنسانية والحقوق شيئاً، بقدر ما أصدرت من تقارير وأوراق ومسميات.
تحت عنوان وفكرة أن حقوق الإنسان لا تعرف حدوداً، صدر التقرير الدولي لمنظمة العفو الدولية، ويبين تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2013 "أن الحكومات تستخدم قضية (الشؤون الداخلية) ذريعة للمحاولات المشينة للحيلولة دون تضافر الجهود الدولية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحل القضايا العاجلة لحقوق الإنسان".
نعم؛ هناك إشكالية "عدم الوعي" والغياب الكامل لثقافة حقوق الإنسان.. أمامنا تحديات كبيرة في هذا المجال وعلينا أن نبذل جهداً أكبر من أجل وضع حد لهذا الواقع المزري. جملة: "حقوق إنسان" فقدت هيبتها وهالتها الكبيرة التي طالما آمن بها كثيرون على امتداد الكرة الأرضية، فلم يعد يكفي الإيمان بالمسميات والشعارات والتقارير المطولة عن حقوق الإنسان فيما هذا الإنسان ينتهك حقه الإنساني والاقتصادي بشكل مبالغ لا يملك تجاهه أية وسيلة للدفاع عن حياته وحقوقه.
حقوق الإنسان بمستوياتها المختلفة وتمظهراتها المتنوعة مطلب إنسانيّ في كلّ المجتمعات، بحيث يمثّل حضورها في الحياة المجتمعية أو غيابها عنها وضعف وجودها فيها معياراً للفرق بين المجتمعات من حيث التزامها بالعيش تبعاً لمقتضى احترام حقوق الإنسان.
للمطالبة بالحرية تاريخ طويل، وقد قوبلت تلك المطالبة في كل حالة ساد فيها نظام يمسّ حريات الناس إما بالتهميش أو عدم الفهم لما تعنيه أو بالقمع.
ما هي حقوق الإنسان؟ وما هي حالة حقوق الإنسان في العالم اليوم؟ سؤال أكبر من الواقع، وأقل من التحديات التي تواجه الإنسانية بكل متاعبها، وسقوطها، وفقرها، وضيق مساحة الحياة للفردية الإنسانية التي لم تعد غير "ترس" صغير في منظومة كبيرة لا تلقي بالاً له كيف يعيش؟ وكيف تمضي حياته؟
حقوق الإنسان لم تعد أكثر من إعلان جميل على واجهة الحياة اليومية نقرؤه ونمضي لنكمل حقيقة الواقع الذي يعيشه الإنسان.