كنت أظن أن اللوحات التي تتزين بعبارة "التصوير ممنوع" انقرضت، إلا أن وجهتها لا تزال معلقة على قرب كبائن الجوازات في المنافذ الحدودية، وعلى أسوار مراكز التلفزيون في المدن والمحافظات رغم أن عمل تلك المراكز الرئيسي هو التصوير.

لم يعد لعبارة "التصوير ممنوع" قيمة في وقت أصبحت الكاميرا أقرب لكل شخص من أنفاسها التي تتطاير أمام أنفه.. ولم يعد ممكناً إطلاقاً السيطرة على منع التصوير في أي مكان، لذلك لم يعد مقبولاً المكابرة بتلك العبارة التي كانت مقبولة في وقت سابق، حين كانت الكاميرا لا تقبل إلا يد عارف، وحين كانت ممارسة التصوير أمراً لا يمكن إخفاؤه..!

قبل يومين، استدعت الجهات الأمنية بالقصيم فريق برنامج قضية رأي عام على قناة روتانا خليجية بعد قيامه بتصوير عدة تقارير ميدانية، ولم يكن الناس على علم بذلك إلا أن الاستدعاء رفع معيار الفضول فتكشف المستور بأن البرنامج يعد تقارير عن مشاريع متعثرة وأحياء تنقصها الخدمات الأساسية وشيء من حاجات الناس، وهذا يعني أن مقصد القناة وصل حتى لو لم تعرض التقارير، ويعني أيضاً أن نتاج فعل شرطة القصيم كان عكس ما تريد..!

سأخالف العرف وسأترك الزمالة جانباً وسأكون في صف رجال الأمن، وهذا يستلزم أن أقول للقيادات الأمنية بالقصيم إن القبض على فريق إعلامي دون توضيح سبب القبض من أول دقيقة، هو تشريع للإشاعات التي تكون ولادتها يسيرة وقتلها مستحيل.

سيكون للجهات الأمنية حق في القبض على أي إعلامي إذا ارتكب مخالفةً تستوجب ذلك، لكن ذلك سيستغل بالإساءة إلى الأمن، إذا لم تكن الجهة القابضة صريحة وواضحة في كشف التفاصيل دون تأخير، وسمعة الأمن أهم بكثير من كل شيء.

ليست شرطة القصيم وحدها التي وقعت في ذاك الخطأ، بل سبقتها شرطة منطقة تبوك.. يفترض أن تكون الشرطة صريحة، فإن كان الموجه بالقبض على حق كان ذلك، وإلا فسيحاسب من قبل الحاكم الإداري لكل منطقة.