شخصيا، ولا أعلم لماذا، أشعر بالميل والانحياز إلى بعض من سياسات معالي وزير المالية إبراهيم العساف، مثلما أشعر بنجاعة منهجه المالي في إدارة دخلٍ أو احتياط هائل مثل الاقتصاد السعودي.

أشعر أن سياسته المحافظة جدا في إدارة حجم الاحتياط النقدي السعودي هي التي جنبت هذا البلد من السقوط في مغامرات الاستثمار، ولهذا كان هذا البلد أبرز الناجين من مقصلة ومأزق الأزمة المالية التي عصفت بدول من الحجم الثقيل.

أشعر ـ أحيانا ـ أن معاليه كان وطنيا وشجاعا لأنه لم يستسلم للضغط، ولم يسقط في امتحان الرأي العام الذي يتهمه بالقسوة وبالبخل حتى وصلنا معه إلى أن نكون ثاني دول الكون من حيث حجم الاحتياط المالي، إلى حجم الدخل القومي، ولو لم يكن له إلا هذا لاستحق عظيم الشكر.

كل هذا الكم من الحقائق لا يمنع من أن نطلب من معاليه إجابه عن هذه الأسئلة البسيطة، ولكنها أسئلة جوهرية:

حديث الناس ـ معالي الوزير ـ يقول إن وزارتك هي المتسبب الرئيس في إلغاء أو تعثر كثير من الأفكار والمشاريع. حديث الناس يقول إن وزارتك هي السبب في عدم توافر "جهاز الأشعة" لنقص الاعتماد المطلوب، وحديث الناس يقول إن وزارتك هي السبب في عدم ترسية "الطريق" لأن المعتمد منها يقل بأكثر من الثلث عن الذي تقدم به أقل مقاول للمشروع ذاته.

باختصار؛ يا معالي الوزير: كل حديث الناس يتحدث عن الفارق بين ما تعتمده الوزارة، وبين قيمة أي مشروع أو جهاز توريد، وبمثل هذه "البيروقراطية" نضيع سنوات في إعادة رفع الأوراق لاعتمادها المالي من جديد.

حديث الناس يتحدث عن "جامعتي" التي لن أسكنها إلى الأبد، وعن "مشفاي" الذي لن أتعالج به بسبب الفارق بين "المعتمد وبين الترسية"، ولكن يا معالي الوزير: حديث الناس أيضا يتحدث عن الكرم الزائد في مليارات نزع الملكية، التي أصدرت شيكات بعشرات المليارات في كل حدب وصوب.

حديث الناس يتحدث عن أن نزع الملكيات بات يفوق موازنة المشروعات ذاتها، ونحن نطلب منكم شفافيةً ووضوحاً بالغاً في هذه النقطة بالتحديد: كيف تكون الوزارة متحفظة في المشاريع التي تهم الناس، وكريمة مع من يسكنون المخططات والشوارع العامة؟