زرت مريضا في المستشفى.. أدهشتني ابتسامته، وتعليقاته الظريفة، وروحه المرحة، بينما بالكاد يتحرك من كثرة الأجهزة المحيطة به، للقلب والتنفس والغذاء وغيرها.. الذي لفت انتباهي، أن من بين الزائرين شخصا كالحصان الإنجليزي، كل كآبة الدنيا تراها في وجهه، تدرك جليا أن المسألة روحية، لها علاقة بالمقدرة على صناعة الفرح، والبحث عن أسبابه.
- أعرف شخصا فقيرا، ما رأيته والله يوما إلا ضاحكا مستبشرا.. كنت أتوقف كثيرا عند حالته العجيبة تلك.. هي كذلك المقدرة على التصالح مع الحال، والبحث عن منابت الفرح!
كثير من الناس يستمتعون بما بين أيديهم متصالحين مع واقعهم، فلا يجعلونه ينسحب على أرواحهم.. تجدهم هذه الأيام ـ مثلا ـ يعيشون سعادة غامرة بالمطر.. يبحثون عن كل لحظة من الممكن أن تسهم في سعادتهم!
في "تويتر" قبل أيام، نشر الشيخ "عادل الكلباني" ـ وهو أحد صناع الفرح في المجتمع ـ صورة لعائلة خرجت لتستمتع بالأجواء الماطرة.. أين كانت "الكشتة" باعتقادكم؟.. كانت في أرض فضاء جوار مجمع غرناطة!
المهم باعتقادي أين نعثر على الفرح؟ كيف نستطيع أن نجعل من الأشياء البسيطة والمتاحة باعثة على الفرح؟
تقول نبيلة الوليدي في كتابها صناعة الفرح: "ثمة بشر لا يشكرون الأشياء البسيطة ولا يقدرون الجهد المحدود.. ولا يؤمنون سوى بالإنجازات العظيمة كقيمة مقدرة ويجمدون شعورهم بالفرح ويحبسون ذواتهم في مضايق خانقة يكتسحهم الهم ويسيطر عليهم القلق من الغد، ويبقون هكذا حتى يبلغون الهدف الأكبر غير شاعرين أنهم يفقدون الكثير من ساعات العمر والمحطات الجميلة التي لن تعود مجددا"!
ابحثوا عن الفرح.. ولا تكونوا أسرى للواقع مهما كان سيئا.. العمر يمضي.. واللحظات التي تذهب لا تعود.. فإن لم تعثروا عليه، فحاولوا أن تصنعوه.