غزلٌ بين السحاب وجيزان، كل ليلة وكل يوم ننام على شغف المواعيد، ونصحو على نشوة الانتظار. أرض مباركة ومعشر حب.
في هذه الليالي نكاد نسمع نجاوى القمر والردائم، قمر، حسبه الله، مفرط في العناق وأوراق لا يجفف نداها إلا الضحى.
جيزان من أكثر مناطق المملكة عماراً بالمساجد، في قريتنا الصغيرة فتحت ذاكرتي على خمسة مساجد وجامع واحد، منذ خمسين سنة لم يزد عليها إلا مسجد واحد، بل إن كثيراً من مساجد القرى الحدودية اليمنية بناها أهل جيزان، فالصدقة والتواصل الإنساني سجية مركوزة في طبع جيزان، فأهلها يستندون إلى استقرار فرضته طبيعتهم الزراعية، وإلى صلة بالعلم الشرعي والعربية لم تنقطع.
إلى هذه البيئة المباركة، ينتمي كل أبنائنا وبناتنا في جامعة جيزان، وإليها ينتمي إخواننا في قيادة الجامعة.
وكل التفوق العلمي الذي ينجزه طلابها إنما هو امتداد إلى بيئتهم كامتداد الفروع للجذور، إنها شجرة طيبة في أرض خصبة العقل مباركة النواحي.
هناك أفكار ظلامية تجوب القارات، تجد لدينا قلة من عديمي الفهم، يعدون على الأصابع، يكرهون النور والعلم والناس، ويسعون دائما ليؤكدوا لأنفسهم أنهم هم العلم والدين والإصلاح، يقضون وقتهم في التربص وصناعة الشائعات للتشويش على صرحنا العلمي وعلى شجرتنا المباركة، ولن ينتهوا عن قبائحهم، فأزمتهم مع أنفسهم مستمرة، بعضهم يكيد من داخل الجامعة حقداً وبعضهم من خارجها فشلاً، ولا يفوزون إلا بفقاعة الشائعة ثم ينكشف كذبهم ولا يخجلون، ونحن نعرفهم واحداً واحداً.
موجات احتساب زائفة متنقلة تمرُّ كثيراً بالجامعة دون أن تجد لها صدى، ويخرجون منها لصناعة الشائعات الهالكة.
مسيرة أبنائنا وبناتنا تغسل آثارهم كما يغسل المطر زجاج النوافذ؛ لنرى الحياة كما هي أصفى وأنقى وأجمل.
أتمنى على الجامعة أن تعيد النظر في مادة الثقافة الإسلامية (سلم)، لتغسلها من آثار هؤلاء الذين يكرهون الناس.
إن خطط التعليم كلها في المملكة، تحتاج تنقية لجعلها في خدمة الوطن والمواطن، فهي خطط شارك في بعضها ذوو أفكار لا تصلح لنا وقد لسعتنا نارها أكثر من مرة.
لقد قضت سنة الله في الحياة أن الزبد يذهب جفاء، وأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض.
أيامنا مطر مبارك.