لفتت الأمينة العامة المساعدة في مؤسّسة الفكر العربي الدكتورة منيرة الناهض، إلى أن رئيس المؤسّسة، الأمير خالد الفيصل كان السبّاق إلى مشروع "جداريات" (نتعرّف، نتحاور، نتماسك) بدعوته إلى نشر ثقافة الحوار، واعتباره أحد أهمّ الأولويات التربوية والثقافية.
وتحدثت الناهض أمس، خلال تدشين مؤسّسة الفكر العربي ومكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية- بيروت، الجدارية الأولى من مشروع "جداريات"، الذي نفّذه طلاب ثلاث ثانويات رسمية في لبنان، في مناطق لبنانية مختلفة هي الشياح والشويفات وكفرشيما، عن إطلاق المشروع في هذا الوقت بالذات، في زمن تعلو فيه المتاريس في القلب والعقل، وبين أبناء الوطن العربيّ الواحد. وأكّدت أن ما يميّز المشروع، هو المنهجيّة التي تعتمد التعارف والتواصلَ مع فعاليات المجتمع المحلي العاملة في مجال تعزيز القيم المشتركة، وغيرِها من الفعاليات الرسميةِ وغير الرسمية. وأوضحت أن الفكرة بدأت من حوار مع المعنيين في منظمة اليونسكو حول كيفيّة تحويل الساحات العامة إلى مكان للتعبير عن القيم الإنسانية المشتركة، وبثّ الرسائل لتعزيز قيمِ الكرامة واحترام الآخر وقبول الاختلاف والتسامح والإنصاف، وأيضاً تشجيع المواقف المُجتمعيّة المرتبطة بالتماسك الاجتماعي، وفي مقدّمتها التضامن والتعاون، ورفض التحيّز، ونبذ الصور النمطية.
ولفتت الدكتورة منيرة الناهض إلى أن المشروع انطلق بعد أن تمّ تبنيه وإقراره من قبل إدارة مؤسّسة الفكر العربي واليونسكو. وكان السبّاق إلى هذه المبادرة صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس المؤسّسة، بدعوته إلى نشر ثقافة الحوار، واعتباره أحد أهمّ الأولويات التربوية والثقافية. وأشارت إلى أن صياغة الرسائل تمّت على مستوى الأفراد والمجتمعات المحلية، وليس على مستوى النخبة والمفكِّرين والمنظِّرين. وفي المرحلة التنفيذية انتقلت القيادة إلى مجموعة تلاميذ من المرحلة الثانوية الأولى في ثلاثِ ثانويات رسمية، وأصبح التلاميذ محورَ المشروع ومحرّكه الفاعل. وختمت بتوجيه الشكر إلى شركاء المشروع كافة، وأكّدت السعي لنقل هذه التجربة إلى أنحاء الوطن العربي، بهدف تكريس القيم الإنسانية في نفوس الشباب، وزيادة الوعي بقيم الحوار واحترام الاختلاف والتعبير.
حضر الحفل ممثّلة منظمة اليونسكو للتربية والعلوم والثقافة السيدة مي أبو عجرم، ممثلة مدير عام وزارة التربية اكارولين غسطين، ورئيس بلدية الشياح إدمون جاريوس.
وتناولت أبو عجرم أهمية المشروع، الذي يأتي في ظلّ ما يشهده لبنان من عنف وصراع إلى حدّ إلغاء الآخر، وذلك من أجل تكريس لغة الحوار كبديل حضاري عن خطاب العنف والتشنّج. ولفتت إلى أن المشروع انطلق من الثانويات تحديداً، لأن التربية ليست مواد تعليمية وحسب، وإنما تربية على المواطنة وتعزيز القيم المشتركة، معتبرة أن نقاط الاختلاف التي تجمعنا هي أقلّ بكثير من النقاط التي نلتقي عليها كأبناء وطن عربي واحد.
فيما تطرق جاريوس، لذاكرة هذه المنطقة المُثقلة بالحروب والصراعات الأهلية والاعتداءات الإسرائيلية. وقال نلتقي اليوم مع مؤسّسة الفكر العربي واليونسكو ومنظمات المجتمع المدني على مفاهيم أساسية هي: الحوار والتماسك ونبذ العنف، وهي قيم تُبنى عليها الأوطان، وتُسهم في تغيير ذاكرة الحرب والدمار. وشدّد على أهمية هذه الأنشطة بالنسبة لجيل الشباب، من أجل استخلاص العِبر، وعدم الانخراط مجدداً في أتون صراعات ضيّقة.
وختمت المربية نِعم ناصرالدين باسم إدارة الثانوية بكلمة، أكّدت فيها أن الاختلاف لا يعني الخلاف، وإنما التنوّع والتعايش في إطار الوطن الواحد، وأشادت بالنتائج المهمّة التي حقّقها المشروع على مستوى التواصل ما بين تلاميذ الثانويات في لبنان، والمهارات التي اكتسبوها في ورش التدريب والعمل، والتي أسّست لنظرة مختلفة تجاه قضايا مجتمعهم.
واختُتم الحفل بعروض وأنشطة فنية تفاعلية، مستوحاة من أجواء الحرب والسلم ومواقف التعايش والحوار ورفض العنف.