حتى السحابة والغرق والمطر باتت ترسم لنا تفاصيل خريطتنا الثقافية مثلما ترسم لنا توجهاتنا المختلفة حتى في حالات الكوارث. وعندما غرقت هذه (الرياض) في الماء ما قبل البارحة، لم يرسم الماء مجرد صورة لرداءة الأداء وسوء التنفيذ، رسم لنا أيضا حجم الشماتة في تغريدات الشتم والتشفي بكل ما حدث.
وصلت لقناعة تامة أن (البعض) الكثر يتمنون كل سحب (أوروبا) فوق هذه الرياض، ولو أن أمر السماء بأيديهم لأضافوا إليها في ليلة واحدة كل أمطار مساقط النيل على هضبة الحبشة. غادرت عالم (تويتر) ما قبل البارحة؛ حين احتفى (الإخواني) المصري الشهير محمد أبو تريكة بأمطار الرياض شامتا في خمس تغريدات متواصلة. غادرت عالم (تويتر) مستسلما للنوم حين أدركت بكل وضوح أن محمد أبو تريكة، لاعب كرة القدم، أصبح أيضا صاحب الفضيلة لعشرات المشايخ. غادرته حين تأكدت أن لاعب كرة القدم في نظر (بني ليبرال) قد أصبح في مقام (أدونيس) حين احتفى به الآلاف لأن تغريداته عن أمطار الرياض تغني وحدها عن قراءة الكتاب المثير عن (نقد العقل العربي) لمحمد عابد الجابري.
غادرت عالم (تويتر) حين تأكدت تماما أن أباطرة هذا العالم الافتراضي يتمنون بالعمد والقصد أن تتحول هذه الغالية (الرياض) إلى سفينة نوح التي لا تحمل في ألواحها سوى كل اثنين: صاحب الفضيلة ومعه لاعب كرة قدم اسمه محمد أبو تريكة. وأرجو ألا يقول أحدكم إنني لم أفضح الفساد ورداءة المشاريع، وألا يصادر تاريخي الشخصي مع كل عيوب تفضحها سحابة. ولكني، وبالمرصاد سأكون مع الرياض ومع وطني حين ينساق أباطرة الفضاء الإلكتروني مع مجرد لاعب كرة قدم يستغل أثر سحابة كي يمرر (تغريدة) يداعب بها أصحاب الفضيلة من (العلماء)، وأصحاب السعادة من (بني ليبرال) كي نهزأ من رمز وطن...