لو نفذنا –كعادتنا- حملةً للتوعية من "الرشوة" وتبيان فساد "الراشي" و"المرتشي" وأثرها وأثرهما على الوطن والمجتمع؛ لما وجدنا أفضل من "أكاديمي" للقيام بذلك.
يفترض أن "الأكاديميين" أهل علم، وألسنتهم مخزن "البيان"، ومكاتبهم موطن البحوث والدراسات، وقاعاتهم مصنع لبناء أبناء الوطن.. لكن حين يجر أكاديمي تلك القيمة إلى ساحات المحاكم بـ"الرشوة" و"الكذب"؛ فقد جنى على وطن.
كان يتهم من يتحدث عن الرشوة في مجتمعنا بـ"المُبالغ".. تغير الحال وأصبحت الرشوة خبراً عادياً في صحفنا، وممن لا يُظن بهم ذلك لعلمهم ومكانتهم.
وبدل أن يقدم لنا الـ"أكاديمي" الدراسات والأبحاث التي تطورنا وتقدمنا في مصاف الأمم، يفضل أن يكون وصمة عار في جبيننا وجبين جامعته، بعدما تلقى العلم والمعرفة، وبعدما قدمناه لـ"يُعلم" الأجيال أن الرشوة التي ينهى عنها في دروسه يمارسها في حياته، وأن الكذب الذي يتهمه بفساد الأخلاق يعاقره بلسانه ليهرب من العقاب.
الأسبوع الماضي أجلت المحكمة الإدارية بجدة النظر في قضية "رشوة" أكاديمي لموظف حكومي "رفيع" من أجل إنهاء إصدار صكوك لأراض بمحافظة حفر الباطن، ويأتي التأجيل بعد أن تضاربت أقوال الشهود والراشي والمرتشي في القضية.
نفى الأكاديمي أن يكون ما قدمه للموظف "الرفيع" من مبالغ مالية وصلت إلى 225 ألفا هي بقصد الرشوة، مؤكداً أنها مقابل أتعاب للعمل الذي سيقوم به الموظف له.. يا رجل ما هو العمل الذي أتعابه ربع مليون ريال، أرشد طلابك لذلك فهو خير من الوظائف الحكومية، وكلنا سنتبعهم ونستقيل من أعمالنا ونأتي لإنجاز أعمالك سعادة الأكاديمي؛ لأن إنجاز عمل واحد لك سيوفر للمُنجِز راتبا شهريا أكثر من 18 ألف ريال..!
ليس المضحك تبرير الأكاديمي.. بل التناقض الذي جاء به المستفيد من المبلغ الذي ادعى أن المبالغ التي استلمها هي عبارة عن قيمة مواش باعها على الأكاديمي.. أتعاب أو قيمة ماشية، كلها "ماشية" لإنجاز شيء خفي ويخجلون من التصريح به!
(بين قوسين)
خرج الأكاديمي عن طوره في المحكمة عندما قدم الموظف "الرفيع" شهود إثبات يؤكدون أنهم كانوا ينقلون مواشي من الرياض إلى الأكاديمي بجدة.. بالتأكيد سيخرج عن طوره، حتى المرتشي أيضا سيسعى للهروب على ظهر الأغنام.