حكاية الإنترنت في العالم واحدة، لكنها تختلف في بعض التفاصيل من بلد إلى آخر، وحين اقتحمت هذه الشبكة حياة الناس مطلع التسعينات الميلادية فتحت بابا للتواصل الإنساني اللحظي بين البشر، أينما وجدوا، في أي مكان وزمان.
تجربة السعوديين مختلفة نوعا ما، خصوصا أنهم من أوائل من اقتحم الإنترنت عربيا، وانتشروا في المنتديات بشكل كبير، لكنهم كانوا يكتبون بأسماء مستعارة، أو لنقل إنهم وجدوا في الـ"نك نيم" مساحة حرة للتعبير، فضجت المنتديات بأسماء ورموز اشتهرت وأصبحت معروفة في المجالس، غير أن أصحابها ظلوا في خانة المجهول.
بعد ذلك، طلت المدونات وانساق إليها نفر قليل، معظمهم من رواد التقنية الذين يكتبون تجاربهم الخاصة، وشاركهم في ذلك بعض الكتاب والشعراء، وهؤلا استخدموا المدونات لتوثيق نتاجهم الأدبي، لكن المدونات لم تستمر طويلا ولم تكن مؤثرة في الثقافة العامة كما كانت المنتديات.
بعد ذلك، جاءت الشبكات الاجتماعية التي تقوم على الحسابات الشخصية، فتقاطروا إليها زرافات ووحدانا، وكان الـ"فيس بوك" مكانا عامرا للتلاقي وتبادل الأفكار والصور، وكأنه جاء بديلا للمنتديات، لكن بالأسماء الحقيقية هذه المرة. وامتلأ فضاء الإنترنت بعدد من الشبكات الاجتماعية الأخرى، غير أن "فيس بوك" ظل محافظا على رونقه في جذب المستخدمين حتى ظهر "تويتر"، صاحب الألف حكاية وحكاية.
في "تويتر" حط السعوديون رحالهم وسكنوا، وأصبحت هذه الشبكة قوية لدرجة أنها صارت صانعة للرأي العام وليست مجرد مؤثرة فيه، وفي كل يوم تخرج من "تويتر" حكاية جديدة وقضية مختلفة وصلت الكثير منها إلى ردهات المحاكم ومقار الأمن. وما زالت هذه الشبكة تتسيد الموقف حتى اليوم، لكن الواقع يقول إن الحراك الإلكتروني لا يتوقف عن تجديد نفسه والتلاعب باهتمامات البشر بين الفينة والأخرى، فهل يحدث أن يُخرِج مكانا جديدا يلتقي فيه الناس، ويلقى "تويتر" مصير المنتديات التي دخلت نفق النسيان؟