لم أكن أرغب أن أعيد الكتابة في موضوع العمالة غير النظامية في المملكة إلا أن ظاهرة استخدام وسائل غير نظامية ومخالفة لجميع الأنظمة الدولية من قبل العمالة غير النظامية ولجوءها إلى ارتكاب جرائم ومخالفات، واستخدام أسلوب وسلوك غير أخلاقي مع مواطنين وممتلكات مواطني هذه البلاد التي احتضنتهم سنوات طويلة استطاعوا من خلالها أن يجمعوا مدخرات أرسلت لبلادهم لتأمين مستقبلهم هناك، يحتم علي أن أعيد الكتابة في هذا الموضوع. فكم من مئات الألاف بل ملايين العمالة الأجنبية النظامية وغير النظامية استطاعت أن تحقق أهدافها من العمل خارج بلادها واستطاعت أن تؤمن السكن اللائق لها في بلادها وتأمين الغذاء والتعليم والصحة لأسرها في بلادها. وكم من دول مصدرة للعمالة استطاعت أن تحقق نسبا مرتفعة في نمو اقتصادها من عوائد العمالة التي تعمل بصفة موقتة في دول الخليج، وبالأخص في المملكة.
إنني أشعر ويشعر ملايين المواطنين السعوديين بصدمة من ردة فعل العمالة غير النظامية التي ترفض التصحيح لوضعها لتكون عمالة نظامية تعمل في ظل نظام العمل السعودي.
إن معظم قوانين العمل في معظم دول العالم تجرم عمليات التسلل العمالي غير النظامية للعمالة إلى بلادها. وكم من عمالة عربية في أوروبا وأميركا خرجت قسراً من تلك الدول لعدم شرعية إقامتها.
لقد مررت بموقف محرج جداً الأسبوع الماضي في أحد المطارات الأوروبية عندما أوقف موظف الجوازات سائقي والممرضة المرافقة لي لمدة ساعات لمخالفتهم نظام الإقامة في بلادهم، حيث تأخرا عن المغادرة 48 ساعة عن موعد انتهاء إقامتهما، وكاد الأمر يصل إلى سجنهما ومعاقبتهما بعدم دخول تلك الدولة، وتم استجوابي وأخذ تعهد بعدم السماح لأي مرافق أو لي شخصياً بالبقاء على أراضيهم أكثر من المدة النظامية الممنوحة لي ولهم. والأمثلة عديدة ولا أود أن أدافع عن موقف المملكة في تطبيق حقها في فرض النظام الخاص بالإقامة والعمل على أراضيها.
إن الظواهر غير الطبيعية التي عبرت عنها العمالة غير النظامية في الأسواق السعودية الأسبوع الماضي تدفعنا جميعاً كمواطنين ومقيمين نظاميين للتصدي لهذه الأعمال بكل الوسائل، وأهمها عدم التعاون معهم بإيوائهم أو تشغيلهم أو التعاطف معهم، لأنهم بعملهم هذا استباحوا خرق النظام وتهديد أمن المواطنين وتكوين صورة غير لائقة للبلاد التي ينتمون إليها. سنعمل جميعاً مواطنين ومقيمين نظاميين لمحاربة العنف، وسنقف داعمين ومساندين للأجهزة الرسمية لوقف العنف ونبذ المظاهر السيئة، لأن هذا السلوك سوف يضر بمستقبل العمالة من تلك البلاد.
إن التعاون والتعاطف مع العمالة غير النظامية لمصلحة خاصة من وجهة نظري جريمة في حق الوطن.
أما الخوف من تعطل بعض الخدمات أو توقف بعض المشاريع فهو تخوف في غير مكانه وفيه ضرر على اقتصاد وأمن بلادنا، وهي زوبعة ستزول قريباً رغم المعاناة إلا أننا سنضمن استقرار وأمان الوطن وسنتعاون لمحاربة الجريمة وظاهرة تهريب المخدرات ومحاربة الرذيلة وتوطين الأموال المهاجرة ووقف الاقتصاد الخفي والعمل على خلق فرص عمل جديدة للمواطنين. إن واجبنا كإعلاميين وككتاب ورجال أعمال العمل على وقف هذه الظواهر السيئة، كل في قطاعه، فأمن الوطن يهم الجميع، والمسؤولية على الجميع وليست فقط على الجهات الأمنية.
إن من يعتقد أنه بالعنف يستطيع أن يحقق مطامعه في بلادنا يكون قد أخطأ في حساباته، وإن من يعتقد أن هذه الفوضى قد تكون طريقاً لبث الفرقة بين السكان وتهديد أمن هذا الوطن والوصول لمطامعه الشخصية أو أهدافه السياسية فإنه قد يسعى للوقوع في الهاوية، وسيكون هدفاً لرد كيده في نحره، ليس من رجال الأمن فقط وإنما من المواطنين المخلصين المحبين لبلادهم.
إن المبادئ الأساسية التي يؤمن بها أبناء هذا الوطن ستقف سداً منيعاً لكل من تسول له نفسه تهديد أمن واستقرار ووحدة هذا الوطن.