خلال عمل "إيستلا بيوفروم" Estella Pyfrom كمستشارة في مقاطعة "بالم بييتش" بولاية "كاليفورنيا" الأميركية، لاحظت أن نسبة لا بأس بها من الطلاب لا يستطيعون استخدام الحاسب الآلي بعد المدرسة، ذلك أن الأزمة الاقتصادية جعلت الكثير من العائلات تتنازل عن توفير جهاز حاسب آلي منزلي مقابل الاحتياجات الأساسية الأخرى.
ولخبرتها السابقة خشيت أن يحجز هؤلاء الأطفال لأنفسهم في المستقبل مقعدا خلفيا مقارنة بأقرانهم ممن يبحرون عبر أجهزتهم المنزلية، ولأنها كانت مدركة لتلكؤ البيورقراطية الرسمية، وجدت أن عليها مسؤولية أخلاقية لأن تقوم بشيء حقيقي لصالح أبناء مقاطعتها الصغيرة.
لذا قامت بجمع مدخراتها المالية التي راكمتها على مدى سنوات طويلة، ودون تردد اشترت بها حافلة كبيرة، ثم "حشرت" داخلها 17 جهاز "كمبيوتر" متصل بالإنترنت، واتجهت بها نحو الأحياء الفقيرة، لتجعل الأجهزة قريبة من الصغار، كما لو كانت في منازلهم!
تؤكد "إيستلا" البالغة من العمر 76 عاما أن "الثورة الرقمية تقسم المجتمع"، وأن تلك الفجوة بين من يمتلكون مهارات التقنية والذين لا يمتلكونها تزداد اتساعا، وأنه يجب القيام بشيء ما تجاهها، اليوم تقوم "إيستلا" وأصدقاؤها من متطوعي المقاطعة بتنفيذ دروس حاسوبية منتظمة للأطفال، إضافة إلى دروس في الرياضيات والعلوم، وأي موضوع يرغبه الأهالي، وبالطبع فإن الحافلة تكون في معظم الأوقات مفتوحة لم يرغب التعلّم على الأجهزة، أو مجرد الإبحار في الإنترنت.
الإشكالية أن البعض هنا قد لا يقتنع إلا بالمشاريع الكبيرة والبراقة، التي غالبا لا تنتج شيئا على أرض الواقع، بينما هذه المبادرة الفردية، استطاعت تنفيذ 8000 ساعة تدريب وتعليم لأكثر من 500 طفل، فقط خلال عامين من انطلاق الحافلة!
نعم إنها الأفعال الحقيقة من يتكلم.