لا أعرف اسم مخرج فيلم "المصارع" التاريخي، ولكن حتى دون أن أعرف اسمه، فهو مخرج عجن العبقرية بيديه وعينيه، وقال "خذوها في علبة".

تعودنا في السينما الأميركية، وحتى في "سينمائنا" العربية، على أن أثقل الأفلام دما ووقتا، هي الأفلام التاريخية، أو السيَريّة، المرتبطة بتجسيد شخصيات تاريخية مهمة.

طبعا، في "سينمائنا" العربية، ثقالة دم الفيلم التاريخي أكثر وضوحا، إذا ما استثنيت أفلاما رائعة ليوسف شاهين، مثل "وداعا بونابرت"، وفيلما رائعا لمصطفى العقاد مثل "الرسالة".

الفيلم التاريخي في هوليوود، يتميز عن الفيلم العربي التاريخي، بشيئين، أولا: أنه أكثر حرفيّة منه، وثانيا: أنه أكثر صدقا في سرد الوقائع التاريخية، فنحن العرب، حتى في الفن لا بد أن نكذب.

أعود لعبقرية فيلم "المصارع"، الذي شاهدته أكثر من 6 مرات دون أن أملّ أو أكلّ، ودون أن أشبع فنيا وبصريا، ووجدانيا وعقليا.

بطل الفيلم "راسل كرو"، يجسد شخصية محارب نبيل من عامة الشعب، يحظى بحب إمبراطور روما، فيحبه أكثر من ابنه، وبعد موت الإمبراطور، يصبح الابن ملكا، لينفي المواطن المحارب بُغضا فيه وغيرةً منه، ويقتل أسرته، ويُعيده عبدا مملوكا، لكن هذا المحارب ما يلبث أن يستعيد حريته، ويثأر لأسرته وكرامته وفروسيته.

الفيلم يحتاج إلى مشاهدته، لا القراءة عنه، وهو ـ بعيدا عن فوزه بجائزة أوسكار ـ أعدّه تحفة فنية، صانعها ماهر، رغم أنها في سياق الأفلام التاريخية، وهذا ما يجعله متميزا، ومُميزا لممثليه.

هذا الفيلم الأسطوري، يقول باختصار: ممكن جدا، أن نصنع من المادة التاريخية فناّ يجذب العين والوجدان.