مثل هذه العبارات تقال لك من أصدقاء وأقارب وزملاء عندما تكون في أوج حماسك تتحدث إليهم متفاخرا ومعجبا بما تم أو سيتم لتصحيح وضع خاطىء أو معالجة حالة غير طبيعية مزمنة، أو استجابة لمطلب ملح نادى به المواطنون كثيرا.
تصفعك عبارات تؤكد أن هناك حالة يأس من كل قرار أو خطوة يمكن أن تعالج أوضاعا مل الناس وهم يشكون منها، حتى باتوا هكذا يسخرون ويتهكمون على أي قرار يفترض أن يقابل بحالة من الفرح والسرور.
الحملة الحالية على مخالفي أنظمة الإقامة والعمل هي أنموذج لما أعنيه هنا، فرغم الجدية الواضحة عليها ورغم حجم الجهود الذي سبق تنفيذها إلا أن عددا ليس بقليل من المواطنين غير متفائلين بنجاحها على المدى البعيد، ويزعمون أنها مجرد حماس لحظي سيتوارى مع مرور الأيام وستعود بعدها حليمة لعادتها القديمة!
تسأل: ولماذا كل هذا التشاؤم والإحباط، لماذا لا نساعد بدلا من أن نكسر مجاديف الجادين من المنخرطين في صميم الحملة أو المؤيدين لها؟ فتأتيك الإجابة (خلهم يولون)!
طيب لماذا (نخليهم يولون)؟
فيقال لك بصوت واحد من أكثر من شخص: لأن المشكلة تكمن في أن هناك هوامير وتجار بيع التأشيرات أحياء يمارسون عبثهم بالبلاد وباقتصادنا وأمننا ومسكوت عنهم، ومن ثم تبذل الأموال والجهد والوقت العظيم وربما تفقد أرواح لتصحيح وضع خلقه أولئك الهوامير المسكوت عنهم.
هم يتاجرون بما ينغص علينا حياتنا ويضيق علينا في مداخيلنا ويعكر أمننا ومسكوت عنهم، ثم تطالبوننا بالتعاون مع الجهات المعنية لتصحيح ما صنعه وخلقه أولئك المصنفون على أنهم مواطنون بل بعضهم مصنف على أنه من عليه القوم.
هكذا يسكتنا البعض متى ما تحدثنا، هكذا هو حال الناس، وهكذا وصل بهم الأمر إلى درجة أنهم يحرضون على عدم التفاعل مع أي جهد وأي خطوات وأي قرار ما لم تحل المشاكل من جذورها وما لم يتضح لهم أن الكل سواسية أمام النظام والقانون بلا استثناءات، لأن مثل تلك الاستثناءات هي سبب كل مشاكلنا وما لم يتم القضاء عليها فلا حماس لأحد ليتجاوب أو ليتفاعل مع مبادرات وحملات غير مكتملة وغير مثمرة وعمرها قصير جدا، وإن نجحت في بداياتها فهي حتما ستعود بحجم أكبر وبشكل أعظم لأن منبعها ما زال قائما.
باختصار الناس تشكو من الهوامير وتشكو من الاستثناءات، ولعل ما فعله بعض المتخلفين في حي منفوحة بالرياض يؤكد ذلك: فمن أتى بهؤلاء وحذفهم بالشوارع بعد أن ربح منهم ألوفا مؤلفة من الريالات ثم ظل يتفرج من بعيد على الجهات الأمنية والمواطنين والمقيمين وهم يدفعون ثمن المواجهة معهم؟