يقف لبنان هذه الأيام أمام مرحلة مفصلية من معركته الوطنية الرامية لتحريره من سلاح "حزب الله"، يدعمها في هذا التوجه تحول سلاح تلك الميليشيا إلى مبرر لأطراف أخرى بحمل السلاح، وسط تراشق قاد البلد لأن يكون في هذا الصيف، بين سندان قوى تحمل سلاحاً إيرانياً بالأصل، وبين مطرقة طرفٍ آخر، حمل السلاح بذريعة أنه "يحق له، ما يحق لغيره"، وهو التوصيف الذي استخدمه منسق اللجنة المركزية في حزب "الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميل في حوار أجرته معه "الوطن".

مطالبات سياسية وشعبية لبنانية، خرجت أمام ذلك تدعو لتحرك الدولة لتخليص البلد من سلاح "حزب الله"، الذي يجده النائب الجميّل بأنه بات يهدد بانهيار لبنان، أو على الأقل يهدد بنشوء "حربٍ أهلية" سببها الرئيسي، انجرار الحزب ومقاتليه للحرب في سورية، إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة شعبه الثائر ضد نظام حكمه.

الجميّل الذي تحدث إلى "الوطن" في حوارٍ موسع، قال إن حزب الله هو من أعطى المُبرر وفتح الباب لأن يُعطي بعض الأطراف في البلد، لأنفسهم الحق كما يحق لحزب الله من حيث حمل السلاح، على اعتبار أنه لا يوجد أي مُبرر للحزب بامتلاك السلاح، الخارج عن نطاق الدولة اللبنانية، وما نشوء ظاهرة أحمد الأسير الأخيرة، التي ألهبت بعض المدن اللبنانية، إلا نتيجةً أو ردة فعلٍ على تسلّح الحزب. وطالب الجميل بضرورة خوض معركةٍ وطنية، لتحرير لبنان من سلاح الحزب، الذي يلعب دوراً سيئاً في الحياة السياسية على الساحة الداخلية في لبنان، فإلى نص الحوار:


مزيد من التوتر

ما الذي يحدث في لبنان؟

ما يحدث عبارة عن مزيد من التوتر ناتج عن الأزمة السورية، ودخول الفرقاء اللبنانيين بالأزمة السورية، ولّد مشاكل بالداخل اللبناني، بالأخص أن هناك سلاحا غير شرعي منتشرا بين أيادي اللبنانيين، والذي فتح الباب على هذا الأمر هو حزب الله، وأصبح كل فريق في البلد يعتبر أنه يحق له ما يحق لحزب الله، وليس هناك أي سبب يبرر لحزب الله أن يملك الحق بامتلاك السلاح، بالوقت الذي لا يحق للآخرين ذلك.


تراخي الدولة

إذن هذا هو الواقع؟

هذا الواقع الذي أدى إلى نشوء حالات كحالة أحمد الأسير، والذي يعتبر هو الآخر أن له الحق بأن يمتلك سلاحا مثله مثل حزب الله، ولكن هذا التحرك الذي عمله الأسير كان تحركا مُدانا من قبل فريق كبير من اللبنانيين، وبالنهاية تصادم مع الجيش اللبناني ونتجت عنه المشاكل التي شهدناها، والتي خلفت سقوط عناصر ومجموعة كبيرة من شهداء الجيش اللبناني.

لكن البعض من الأقطاب السياسية أو الشعبية من المضادين لحزب الله وإن بشكلٍ ضمني يعطون الحق لأنفسهم ولغيرهم بحمل السلاح، لطالما أن الدولة اللبنانية "مُتراخية" نوعاً ما مع قضية سلاح حزب الله؟

صحيح.. لكن لا يجوز علاج المشكلة بمشكلة أخرى. معالجة الخطأ لا تفيد بارتكاب خطأ آخر. إذا كانت الدولة اللبنانية تتساهل مع السلاح غير الشرعي الموجود بيد حزب الله لا نعالج ذلك بمشكلة، حتى لا تكون مبررا لنشوء مشاكل أخرى.





استكمال المعركة

وكيف يمكن معالجة ذلك؟

نحن نقول يجب استكمال المعركة الوطنية لتحرير لبنان من سلاح حزب الله. ومعالجة هذه المشكلة لا تكون من خلال السماح لمجموعات أخرى بامتلاك ذات السلاح.

تقول يجب استكمال المعركة الوطنية لتخليص أو تحرير لبنان من سلاح حزب الله، كيف ذلك يتم، هل من قبل الدولة أو من قبل الرأي العام، أم من قبل من؟

الدولة غير قادرة على خوض هذه المعركة، لأن الحكومة موالية لحزب الله. ولكن اللبنانيين الأحرار بداخل قوى الرابع عشر من آذار وخارجه والمستقلين، وأيضاً من قبل الرأي العام، جميعهم رافضون لأي سلاح بين يدي أي لبناني، ومن أجل ذلك نحن نؤمن بأن هذه المعركة يجب أن تستمر من أجل تحرير لبنان من كل ظواهر السلاح غير الشرعي على الأراضي اللبنانية، والحل ليس بتبرير وجود السلاح بين أيادي فرقاء آخرين غير حزب الله.


تراجع حزب الله

فهمت من كلامك، في الإجابة عن السؤال الأول أن القضية في لبنان والتي قادت البلد لأن يكون على صفيحٍ ساخن هي قضية تداعيات للأزمة السورية، بمعنى أن كرة النار انتقلت إلى دول الجوار، وبذلك تتحقق وعود الرئيس الأسد وتحذيراته من انتقال كُرة النار حسب تعبيره إلى دول الجوار؟

صحيح لا شك في ذلك. انجرار حزب الله للمعركة على الأراضي السورية فتح لبنان على كل الاحتمالات، وأصبح لبنان اليوم مهددا بالانهيار والحرب الأهلية، لأن حزب الله لم يلتزم بوعوده ولا التزاماته تجاه الدولة اللبنانية ولا تجاه إعلان بعبدا، الذي يقتضي ألا يكون هناك أي تدخل من قبل اللبنانيين بالصراع السوري. حزب الله تراجع عن هذا الالتزام وقرر خوض المعركة في سورية بوجه الشعب السوري، وهذا الشيء أكيد ستكون له ارتدادات كبيرة على الساحة اللبنانية، وأكيد أن اللبنانيين لن يصمتوا عن هذا الواقع، نحن اليوم أمام مرحلة جديدة، نتمنى أن يكون هناك التفاف حول الجيش، وتراجع من قبل كل الأطراف التي تستخدم السلاح بالداخل، حتى جميعنا نلتزم بسيادة الدولة واستقلالها وقراراتها ودستورها وكل ما يقوله الجيش اللبناني، هذا الذي نتمناه. لأن الجيش اللبناني هو كل ما تبقى لنا من مؤسسات قائمة في لبنان، لا نريد أن ندمر آخر حصن للدولة الذي يُشكّله الجيش اللبناني.

أين دور رئيس الجمهورية ميشال سليمان من ذلك، لماذا التعويل على الجيش بشكل أحادي؟

لأن الجيش اللبناني هو الوحيد الذي يعتبر مؤسسة عادلة للطوائف، يوجد فيها مسلمون ومسيحيون، سنه وشيعة ودروز، مؤسسة مختلطة ووطنية، يمكن أن تلعب دورا كبيرا بالحفاظ على لحمة اللبنانيين، وأكيد هذا لا يمنع دور رئيس الجمهورية الذي يعتبر له دور أساسي. نحن لا نقول إن الجيش هو وحده، أكيد رئيس الجمهورية له دور مهم كثيراً وأساسي، لكن لا شك بأن اليوم الذين في المواجهة هم الجيش اللبناني على الأرض، وهو الذي يبقى عليه كل المسؤوليات في هذا الظرف الدقيق.


رفض السلاح

أنتم كمسيحيين بين هذا التنافر المسلح بين "السنة – والشيعة" في لبنان إن جاز التعبير، ما موقفكم من هذا الأمر؟

نحن مع لبنان، نحن مع سيادة لبنان. نحن نعتبر اليوم أن هناك فريقا مسلحا في لبنان وهو حزب الله يعطي ويلعب دورا سيئا جداً في الحياة السياسية في لبنان، ويعطي المثل لأطراف أخرى لحمل السلاح وأن يستعمل السلاح بالداخل، في الوقت الذي توجد فيه أطراف أخرى ترفض حمل السلاح واستعماله، وقوى الرابع عشر من آذار لها موقف رسمي ترفض استعمال السلاح، وترفض وجود السلاح بين اللبنانيين، وترفض أيضاً وبشكلٍ قاطع أن يكون أي لبناني إن كان مواليا للنظام السوري أو مواليا للشعب السوري أن يدخل في الصراع السوري، هذه مواقف نحن نثمنها وهي السبيل الوحيد للحفاظ على لبنان، تحييد لبنان عن الصراع السوري، والحفاظ أيضاً على استقلال لبنان وسيادته، نشر القوى الدولية على الحدود اللبنانية السورية هو السبيل الوحيد للحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله، أما استعمال السلاح بالداخل أو استعمال السلاح بسورية هو ضد مصلحة لبنان، وقوى الرابع عشر من آذار ترفض هذا الأمر، وإذا كان هناك بعض الفرقاء يعتبرون أنفسهم مقربين من قوى الرابع عشر من آذار أو يعتبرون أنفسهم يدعمون المعارضة السورية ويستعملون السلاح، ليس لديهم أي غطاء من قبلنا، وليس لديهم أي شرعية سياسية من قبلنا حتى يقوموا بهذا التحرك.

وما هو البرهان على ذلك؟

البرهان على ذلك أحمد الأسير لم يكن لديه أي تضامن من قبل قوى الرابع عشر من آذار ولم يعطه أحد أي غطاء أو أي شرعية، بالعكس كل الغطاء والشرعية مُنحت للجيش اللبناني حتى يضرب بيد من حديد بوجه هذه المظاهر المسلحة مهما كان توجهها أو خطابها السياسي.


الوقوف مع الجيش

ولكنك بالتأكيد سمعت أن هناك بعض المعارضين لكم سياسياً اتهموكم، أو اتهموا دولاً إقليمية أنتم متحالفون معها، بدعم ظاهرة أحمد الأسير لمواجهة ما يُعرف بظاهرة حسن نصر الله؟

صراحةً نحن لا نملك أي دليل على هذا الأمر، بالوقت الذي يفتخر فيه بعض الفرقاء بدعم عسكري ومالي ومعنوي سياسي وإعلامي من قبل قوى أخرى.

مثل من؟

حزب الله يفتخر بدعم إيران له، ويفتخر بمد إيران بالسلاح له، ويفتخر بالمشاركة بالحرب بسورية، يفتخر باستعمال السلاح الإيراني في لبنان وخارج لبنان، في الوقت الذي نحن لم ندافع فيه عن أحمد الأسير.

لكن قيل إن الأسير يلقى تغطيةً ما ربما في الداخل أو من الخارج؟

لو كنا نغطيه أو ندعمه كنا دافعنا عن ظاهرته. لم نعط الأسير أي شرعية أو غطاء، ولم يجد أي دعم دولي له، نتحدث عن شيء افتراضي، ولو كانت هناك افتراضاً دول تدعم أحمد الأسير، فنحن في قوى الرابع عشر من آذار لم نقف معه بل وقفنا مع الجيش اللبناني، وهذا دليل على أن هذا الشخص ليس لديه أي غطاء أو دعم من قبل قوى الرابع عشر من آذار.