لا تتغير خريطة الانتباه من مكان إلى آخر إلا بحدث "عظيم" أو كارثة "كبرى"، لكن الأمطار تخالف ذلك، فرغم بساطتها ولطافتها ورقتها وحب الناس لها وفرحهم بها، إلا أنها أصبحت تسلب الأنظار والكاميرات والاهتمام؛ لأنها باختصار "تكسو" و"تعري" في آن واحد.

الأمطار تعري أشياء قبل أن تكسو الأرض الخضرة.. منذ أحداث سيول جدة والمطر يعدّ أول مفتش عن الفساد، وأول مُعرٍ للفاسدين، ولو لم يذكر أسماءهم لكنه فضح سوء تنفيذهم أو إشرافهم على مشاريع التنمية.

أثبتت الأمطار أنها قادرة على تحويل الأنظار والقلوب إلى جهات ومواقع تحددها "كثافة الغيوم" فوقها، فرغم أن الرئاسة العامة للأرصاد الجوية، والدفاع المدني، كانا يحذران ويخوفان من الأمطار، إلا أن الأمطار كانت رقيقة، باستثناء بعض الأحداث كان سببها ليس الأمطار، بل فشل تصريف المياه على الطرق الدولية، وعجز بعض الجهات المعنية بتطويع الأودية والشعاب رغم السدود والميزانيات الضخمة.

أمطار الشمال كشفت أن وزارة النقل تغاضت كثيرا عن طريقة تنفيذ مشاريع "عبارات المياه" تحت الطرق، التي انكشف سترها بفعل الأمطار، فانزاح الأسفلت عنها فكانت أنابيب صغيرة لا تكفي لتصريف غسيل "حوش منزل"، فكيف يوقع مسؤول على إنجازها وهي بهذا المنظر، فإن كان يرى أنها تكفي لتصريف مياه أودية الشمال فتلك "مصيبة" وإن كان "غير ذلك" فالمصيبة أكبر!

أمطار عروس الشمال حائل، أزاحت الهالة الإعلامية عن ضخامة جامعة حائل، فخرت المياه من مشاريعها الجديدة لتقول لنا بكاميرا الهواة، "ما طار فاشلٌ وارتفع إلا وكما طار وقع"، وربما من حظ جامعة الحدود الشمالية أن مشاريعها لم تنجز رغم مرور أكثر من 5 سنوات على بدء العمل فيها!

الأمطار لم تترك حائل قبل أن تعلن أن مطارها مثل غيرها ـ أي كلام ـ الفرق أن المطر سدد "قطراته" هنا فكشفت رداءة التنفيذ.. خجلت حين رأيت منظر مطار حائل الذي أخجلها أمام ضيوفها، وجامعة حائل التي ستخجلها كثيرا أمام طلابها الذين تطالبهم بالجودة ولم تعرفها.. وخجلت كثيرا؛ لأني لم أر مسؤولا واحدا يعترف بفشل إدارته، أو على الأقل يعترف بفشل المقاول الذي نفذ المشروع!

(بين قوسين)

لماذا يتستر المسؤولون على فشل "بعض" المقاولين؟