..واستكمالا لحديث الأمس حول لقاء معالي رئيس الهيئة أود أن أقول ما يلي:

أولا: إن أولى دلائل الالتباس في الفهم بين الإعلام والهيئة والمجتمع تكمن في الحقيقة التالية: أن معاليه كان أول رئيس للهيئة يزور هذه الصحيفة، عطفا على ما بني سابقا من فهم مغلوط بين هذه الصحيفة والهيئة.

والثابت أن كلا الطرفين قد تغير، أو أنهما ـ مع الزمن ـ قد وصلا إلى قناعة بأن القطيعة في الحوار لا تخدم الطرفين.

إن كلا الطرفين قد تغير ربما وتبدلت مواقعهما مع الوقت، وفي الحوار الشفاف مع صاحب المعالي ومع فريقه الضخم طرحنا بكل شفافية ثقافة المطاردة.

والصحيح أن معاليه كان شفافا صريحا مباشرا في توضيح هذه النقطة؛ ولكن تبقى الحقيقة أننا خرجنا من اللقاء، دون أن نقبض على معلومة حول هذه القضية. وخذ مثلا قصة مطاردة الباحة التي لاتزال معلقة ترمى من درج إلى درج بعد عامين من مقتل أب وولده. هذه الضبابية لا تخدم الهيئة، وإن كان صاحب المعالي يؤكد - وهو صادق - أن الهيئة عندما أحالت هذه القضايا إلى طاولة القضاء، قد رفعت يدها منها تماما.

استطعنا أن نسأل الهيئة، ولكن من يستطيع أن يسأل القضاء.

وفي نقطة أخرى؛ قلت لصاحب المعالي: إن واحدة من قصص الهيئة مع الجمهور تكمن في أن الهيئة "كانتون" مغلق أمام الأفكار والقضايا والتخصصات: ما الذي يمنع أن يكون أفراد الهيئة في الميدان من الحقوقيين والقانونيين، ومن رجال علم النفس والإدارة وعلم الاجتماع وبقية التخصصات المرادفة، على أن يكون أصحاب القرار من مفاصل إدارة الهيئة من المتخصصين في العلم الشرعي؟

أنا مؤمن بأن أي عملية إصلاح لأي جهاز تكمن في تباين الأفراد والتخصصات والمرجعيات المدرسية والفكرية.

ومع هذا خرجت من اللقاء ولم أقبض على جواب حول هذه النقطة.

وعلى العموم، لم أخرج منذ سنوات وأنا في مساحة من الرضا والقبول بقدر ما خرجت من لقائنا مع معاليه. كتبت ما كان حرجا، وتركت ما كان بيننا من عوامل التوافق والالتقاء.