من طرائف معرض الشارقة الدولي للكتاب أن دار نشر شهيرة تورطت في عرض رواية جديدة للكاتب الإماراتي ياسر حارب، وما إن بدأ الجمهور بالشراء حتى اكتشف ياسر أن هناك مقاطع ناقصة من فصول روايته، فأطلق تغريدة على تويتر يناشد من اشتروا روايته وصاروا في بيوتهم إعادتها لدار النشر التي سوف تعيد طباعة نسخة جديدة غير ناقصة.
دار أخرى ارتكبت خطأ مقاربا، إذ حكى لي كاتب وإعلامي سعودي معروف أنها أصدرت نسخة غير مدققة من كتاب جديد له، والسبب أنه أرسل لهم نسخة أولية غير منسقة أو مدققة لإجراء حساباتهم التقديرية على أساسها، ثم أرسل إليهم النسخة النهائية المعتمدة، فكان أن طبعوا النسخة غير المعتمدة ووضعوا الكاتب في مأزق مع نفسه ومع قرائه.
ليست تلك الدار والأخرى وحدهما من يقع في الخطأ، بل بات ذلك يحدث كثيرا في عالم النشر نتيجة التسرع والارتجالية، والأشد خللا تلك الإصدارات التي تصدر من غير تدقيق لغوي، كما في "دهشة لوميض باهت" لعبده خال وما كان على دار النشر أن تصدر الكتاب قبل التأكد من تدقيق اللغة، وكذلك في كثير من الروايات والإصدارات التي اطلعت على بعضها لكتاب شباب من أكثر من دولة خليجية، فالمسألة لم تعد مرتبطة بشخص أو دار نشر، بل بإنتاجية مرحلة من إبداع العرب وثقافتهم.
تعجل النشر ليس إيجابيا بأي حال سواء من دار النشر أو من صاحب الكتاب، فدور النشر يقع على عاتقها العناية بالإصدار من حيث الجودة واللغة والغلاف والإخراج، وعلى صاحب الكتاب تقع مسؤولية أن يكون المنتج جديرا بحمل اسمه، وأن يتفاخر شاب ما بأنه أصدر مؤلفا ثم يصطدم بالنقاد وهم يتحدثون عن هبوط السوية الكتابية، فذلك ليس إيجابيا أبدا له، وأن يحاول كاتب ما أن يزيد عدد إصداراته فيقع في المحظور الفني أو اللغوي ويتراجع مستواه في نظر الآخرين فهذا يحسب عليه ولا يحسب له.
كم من مؤلف دخل التاريخ بكتاب واحد متقن، وذلك خير من ألف كتاب لا تعبر عنه ويندم عليها لاحقا. وكم من مؤلف ندم على تعجله بإصدار كتاب ما ثم حاول سحب نسخه من المكتبات وحتى من أصدقائه الذين أهداهم إياه. وكم من شاعر تراجع عن قصيدة أو كاتب تراجع عن مقال.
إذا، الأساس في كل ذلك هو التأني والاشتغال على الإصدار بهدوء حتى ينضج العمل ويكون كما يريده صاحبه وكما يأمل الجمهور.