على مدى العامين الماضيين، شق الكثير من الشخصيات السياسية طريقها إلى قلب المشهد السياسي في مصر، واتسمت تصريحاتها ومواقفها بالتناقض، حتى بدا الأمر وكأن لكل شخصية أكثر من وجه. وتصاعدت حدة المواقف وتنوعت مع اقتراب عقارب الساعة من يوم 30 يونيو، الذي يراه البعض يوما فاصلا في تاريخ مصر، في ظل تنامي حالة الانقسام التي امتدت من الشارع إلى داخل البيوت.
فماذا يقول خبراء علم النفس عن شخصيات النخبة السياسية التي تصدرت المشهد منذ اندلاع ثورة 25 يناير، مثل: عمرو موسى، محمد البرادعي، حمدين صباحي، عاصم عبدالماجد، خيرت الشاطر، عصام العريان، ومحمد البلتاجي.
عبدالماجد "مخزون بالكراهية"
في المقابل يرى الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي، أن "تصريحات عاصم عبدالماجد، القيادي بالجماعة الإسلامية وبذراعها السياسية في حزب البناء والتنمية مؤسس حركة "تجرد" الداعمة للرئيس مرسي، لا يمكن فصلها، عن تاريخ حياته. فقد كان المتهم رقم 9 في قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981، وصدر ضده في مارس 1982 حكم بالسجن 15 عاما، واتهم في قضية تنظيم الجهاد، وبمحاولة قلب نظام الحكم، ومهاجمة قوات الأمن في أسيوط في 8 أكتوبر 1981.
أما عن عاصم عبدالماجد بعد الثورة، فهو الناطق باسم الجماعة الإسلامية، الذي رأى في تصريحاته الأخيرة أن مصر تتعرض إلى مخطط لتمزيقها، وأن العلمانيين يريدون سرقة الثورة من المسلمين.
ومن أشهر تصريحاته أن قيادات حملة تمرد "مجموعة معادية للإسلام والسنة".
صباحي.. و"أوتار الماضي"
ويرى فرويز أنه "على الجانب الآخر، فإن شخصية حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، تميل إلى اللعب على أوتار الماضي، إذ اعتاد الحديث عن التجربة الناصرية رغم أنها جزء من تجربة اليسار، التي انتهت في روسيا ذاتها. ويحاول استعادة نموذج عبدالناصر، رغم نكسة 67 التي أدت إلى احتلال سيناء.
وأضاف فرويز أن "صباحي اكتسب شعبية كبيرة جراء مناظرته ـ عندما كان طالبا ـ مع الرئيس الراحل أنور السادات، وكذلك من مدة سجنه في أواخر عهد السادات، لكنه على المستوى العملي لم يحقق نجاحات تذكر، كما أن الأصوات التي حققها في انتخابات الرئاسة كست شخصيته بالبارانويا والشعور بالعظمة، كما أنه لا يمتلك كاريزما صوتية، فصوته به قدر من النعومة، وفي علم النفس إذا حاولت تعلية صوتك ستخسر، أما إذا كان صوتك عاليا بطبيعته فيمكن أن تحقق مكاسب.
أما كاريزمته الشكلية فيمكن أن تضعه في صورة من يشاركون في الحكم، ولكن ليس من يعتلون سدة الحكم.
الشاطر.. شخصية متحجرة
من جانبها ترى الدكتور هبة العيسوي، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس، أن تحليل شخصية المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، تبدأ بأنه "لم ينتم لجماعة الإخوان بشكل توريثي، لكنه انتمى إليها باختياره. وتلقى أول صدمة في حياته عندما فصل من هيئة التدريس في عهد الرئيس السادات. والتطور في حياة الشاطر له مرحلة واضحة تحول فيها من أكاديمي إلى الشارع، وهي مرحلة أكسبته سمات شخصية، تبدأ من عدم أمان العمل الحكومي، مما جعل لديه حالة من الغضب اللاشعوري، إضافة إلى سمات أخرى جعلته شخصية جامدة ومتحجرة ومتشددة وعنيدة، جعلته لا يرى أمامه سوى الخلافة الإسلامية. وهو شخصية تسلطية أحادية التفكير، إضافة إلى أنه لا يحب الانتقاد، وينزعج منه بدليل إقلاله من الظهور الإعلامي.
البرادعي مدعي ديموقراطية
يقول الدكتور جمال فرويز إن "الشخصيات التي تعتلي مسرح السياسة في مصر اليوم تفتقد إلى تلك الميزات، ومنها الدكتور محمد البرادعي المنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني رئيس حزب الدستور، الذي يفتقد إلى الكاريزما الصوتية بسبب ضعف طبقة صوته. كما أنه يفتقد إلى الكاريزما الشكلية، التي تجعله يبدو في صورة الشخص غير العاطفي، لكنه يمتلك في المقابل كاريزما اسمية تتمثل في كلمة البرادعي.
وأضاف: "افتقاد البرادعي لتلك السمات تجعله لا يصلح أن يكون داخل صورة الزعيم، وإن كان يصلح أن يكون رئيسا للوزراء، ويرى فرويز أن مشكلة البرادعي مع الشارع المصري تعود إلى مدة توليه منصب المدير العام لوكالة الطاقة الذرية الدولية منذ ديسمبر 1997 وحتى نوفمبر 2009، مضيفا "إن تولي البرادعي لهذا المنصب وما صحبه من الغزو الأميركي للعراق جعل كثيرين يربطون بين غزو العراق وتوليه للمنصب، وما عزز هذا الشعور حصوله على جائزة نوبل للسلام في 2005 أثناء عمله في الوكالة، خاصة وأن الجائزة مرتبطة في ذهن كثير من المصريين بأنها "مسيسة" منذ حصول الرئيس السادات عليها في أعقاب توقيعه اتفاقية السلام مع إسرائيل.
موسى.. زعيم ولكن
وعلى النقيض من شخصية البرادعي، يرى فرويز أن عمرو موسى، المرشح الرئاسي السابق رئيس حزب المؤتمر، يمتلك شخصية قيادية تصلح للزعامة. مضيفا أنه "يمتلك كاريزما صوتية واسمية وشكلية، فضلا عن امتلاكه لخبرات مهنية اكتسبها سواء خلال عمله كوزير للخارجية عدة سنوات، أو من خلال توليه منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية عدة سنوات أيضا، مما منحه قدرا كبيرا من الثقة في النفس وتراكم الخبرات. كما أنه إنسان توافقي، مما سمح له بأن تكون له علاقات جيدة مع كثير من الأطياف والتيارات السياسية في مصر، فهو لا يمانع في الجلوس مع خيرت الشاطر ولا يمانع في الانضمام إلى المعارضة. كما أنه يرتبط بعلاقات جيدة مع عدد من رموز النظام السابق، وكلها مؤهلات تسمح له بأداء دور لمدة انتقالية حتى تستقر الأوضاع. ومشكلته أن كثيرين يحسبونه على النظام السابق ويرون أنه كان مجرد واجهة لتحسين صورة نظام مبارك.
العريان.. ابتسامة باهتة
عبرت الدكتورة هبة العيسوي عن اعتقادها بأن التحليل النفسي لشخصية الدكتور عصام العريان يتم على أساس بُعدين: الأول يتمثل في سلوكياته وتصرفاته التي يظهر بها أثناء التحدث مع الآخرين، والآخر يعتمد على لغة الجسد. وأضافت أن التحليل يتم من خلال تاريخه الذي يؤكد أن العريان شخصية مجتهدة في حياته، إذ درس الطب في القصر العيني، وله الكثير من النشاطات، إضافة إلى أنه عضو نشط في جماعة الإخوان المسلمين، كما أنه كان يعد من الأشخاص الإصلاحيين بالجماعة قبل الثورة.
وتابعت: "العريان له سمات مميزة، منها أنه مجتهد ومثابر؛ لأنه تعرض للكثير من الضغوط، ويتسم بأنه دائما ما يفجر قنبلة في أغلب أحاديثه الصحفية والإذاعية، مما تخلق نوعا من الحراك الاجتماعي، وتتسبب في مشكلة مجتمعية، فهو دائما ما يحول الحوار من موضوعي إلى قنبلة".
وقالت: "العريان شخصية انفعالية، ولا يدرك عواقب كلامه، كما أنه اندفاعي، وشخصيته جدلية تسعى لإشباع رغبة لديه، يريد من خلالها إثبات وجوده وذاته نتيجة لتعرضه للكثير من الأحداث القاسية في حياته".
البلتاجي شخصية "عصابية"
وفي السياق ذاته، يرى فرويز أن "تحليل شخصية الدكتور محمد البلتاجي يعتمد على تصريحاته وأحاديثه في وسائل الإعلام ومع الأشخاص المحيطين به، وذلك على مرحلتين: الأولى قبل ثورة 25 يناير، والثانية بعدها. وأوضح أن شخصية البلتاجي تقع في علم النفس تحت إطار الشخصية الانفعالية العصابية، وهي الشخصية التي لا تستطيع أن تتحكم في أفعالها، كما أنها تتسم بالتقلب والتغير.
وأشار فرويز إلى أن تاريخ البلتاجي يؤكد أنه رجل درس بكلية الطب، وكان عضوا سابقا بمجلس الشعب، ويمتلك باعا كبيرا في المجال السياسي، لذا كان من المفترض أن يتحلى بنمط قوي يستطيع من خلاله إخفاء انفعالاته، لكن حدث العكس، وهو ما يظهر من خلال تصريحاته بوسائل الإعلام.
فالبلتاجي في السابق وبالتحديد قبل إجراء الانتخابات البرلمانية عام 2005 كانت شخصيته ودودة وخيرة، وتسعى لحل مشاكل الآخرين. وكان يسعى إلى كسب رضاهم، حتى إنه في تلك الانتخابات لقب نفسه بـ"خادم الفقراء"، وهو ما يثبت أنه شخصية تسعى لـ"اقتناص الفرص للوصول إلى هدفها".