احتل السعوديون مرتبة متأخرة في مؤشر إجادة اللغة الإنجليزية، إذ جاءت في المركز الـ59 بين 60 دولة ليست الإنجليزية لغتها الأم، وتقدمت فقط على العراق الذي تذيل الترتيب، في حين جاءت دول آسيوية فقيرة الموارد والإمكانات في مراتب جيدة، كالهند التي حطت في المرتبة 21، وإندونيسيا 24، وتقدمتا بذلك على دولة صناعية كاليابان.
هذه النتيجة ليست صادمة بالنسبة للعامة، وحتى بالنسبة للمتخصصين في تدريس اللغة المنصفين، ولكنها كارثية في زمن نمتلك فيه كل المقومات المادية والتعليمية، ولم تعد فيه اللغة ترفا أو مجرد مادة تدرس وينتهي بها الحال إلى معلومات تفرغ في قاعة اختبار وكتاب ملقى على رصيف.
يبدو أن مقولة if you don't use it, you will loss it ـ إذا لم تستخدمها ستفقدها ـ التي كنا نتذرع بها طيلة سنوات، كان طالب الثانوي يتخرج وهو فقير اللغة، لم يعد لها مكان في أدبيات التعلم اليوم؛ لأن اللغة الإنجليزية أصبحت تعيش معنا، ونتقاطع معها يوميا في التلفزيون والجوال والكمبيوتر والألعاب وغيرها.
وبحكم خبرتي الشخصية في تدريس اللغة، أجزم تماما أن المشكلة تكمن في المنهج، فالطالب الذي يبدأ دراسة "الإنجليزية" يأتي متحمسا في بداية الأمر، ثم ما يلبث أن يصدم بحجم المعلومات التي من المفترض أن يعرفها، بين مصطلحات وجمل وقواعد، فيصاب بنوع من "الفوبيا". وهذه الصدمة التي تضرب السواد الأعظم من الطلاب، تصنع حاجزا فولاذيا بين المتعلم واللغة، وبالتالي تصبح "الإنجليزية" مادة دراسية صعبة ومعقدة وعصية الفهم، والنتيجة مجتمع يكره اللغة الإنجليزية ولا يقترب منها، رغم إحساسه العميق بأهميتها وفائدتها في حياته.
وما زالت وزارة التربية والتعليم تباشر ذات الدور في صنع الحواجز بين الطالب واللغة، عبر إقرار المناهج المكثفة، التي لا تخدم عملية التعليم ولا التعلم الذاتي الذي تمارسه الشعوب الأخرى، ولو أنها اكتفت بـ50 كلمة و10 جمل متداولة، يتقنها الطالب في كل سنة دراسية ويرددها دائما، لفعلت خيرا في المجتمع، بجعل اللغة سهلة وممتعة، وتخاطب العقل اللاواعي بالترديد والتكرار، وهذا هو الأهم حين تبدأ استخدام والتحدث بأي لغة، العقل اللاواعي.