مثلما يصعب تخيل طعام الأميركيين دون "البرجر"، لا يمكن أيضا تخيل سفرة السعوديين في الصباح والعشاء خالية من الفول والتميس. لكن ميزة "البرجر" في أميركا أنه لا يختفي، فالذي يصنعه مواطنون باقون، بينما من يصنع احتياجات السفرة السعودية عمال أجانب غير دائمين. لذلك، ليس غريبا أن تقل بعض احتياجات الأسر عندنا؛ بسبب منع العمالة غير النظامية من مزاولة عملها. وأيضا ليس غريبا ـ بل من المتوقع بعد فترة زمنية قد تطول ـ أن يأتي مواطنون شباب ويعدون وجبات مطاعمنا المحلية. من أجل ذلك يقف السعوديون اليوم مع قرار التصحيح؛ لأنه على المدى الطويل سوف يوطن معظم المهن لأبنائهم. وكي نسرع في تحقيق هذا الهدف، لا بد من فتح حوار جدي بين وزارة العمل وبين أصحاب الأعمال، فهم شركاء التوطين.

لتفعيل هذا الرأي، أقترح على وزير العمل الاجتماع بأصحاب المؤسسات الصغيرة. فرغم أنهم لا يملكون آلية التواصل المباشر مع الوزارة؛ نظرا لصغر حجم مؤسساتهم، وقلة الخبرة الفنية لمعظم ملاكها، لكنهم الأقدر على نقل صورة واقع السوق، فهم الأكثر التصاقا بحاجات المواطنين؛ نظرا لتنوع الخدمات اليومية التي يوفرونها لهم. وهم أيضا الأكثر تعاملا مع تلك العمالة غير النظامية، والأكثر دراية بمشاكلها، ومعرفة وسائل حلها، وبالتالي يشكل رأيهم قيمة مضافة للتصحيح.

أنا على يقين بوجود مشكلة تواصل بين الوزارة والمؤسسات الصغيرة، تتمثل في عدم تبادل المعلومة الصحيحة، وعلى يقين أيضا بأن الحوار كفيل بحلها. وبما أن توجه وزارة العمل التعامل مع القطاع الخاص على أساس مبدأ المشاركة، فسوف تجد في هذه المؤسسات الشريك القوي. لذلك أتوقع مع أول حوار أن تُحل مشكلة تأشيرات الاستقدام عند ما تسمع الوزارة من أصحابها السبب الذي أجبرهم على الاستعانة بالعمالة السائبة، وعندئذ تكتشف حليفا قويا لقراراتها.