يرسم وزير الخارجية الأميركي ـ بسرية ـ خطة التسوية النهائية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسوف يتدخل في يناير 2014 لتحريك المفاوضات الميتة حاليا. هكذا تقول عناوين التقارير الإعلامية حول فلسطين هذا الأسبوع. أحد أعضاء المعارضة البارزين في الكنيست الإسرائيلي، زيهيفا جالون رئيس حزب ميريتس يقول إن هذا صحيح؛ وأحد الكتاب البارزين في صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية المعروفة يقول إن هذا صحيح؛ مجموعة من الصحفيين الإسرائيليين والأميركيين يقولون إن هذا صحيح، لكن كيري أصدر نفيا شديد اللهجة عندما ظهرت أنباء عن هذه الخطة السرية.
تذكروا أن ونستون تشرشل، أحد أشد المعجبين بالصهيونية، اشتهر عنه قوله "في الحرب، الحقيقة ثمينة لدرجة أنه يجب حمايتها بحارس من الأكاذيب، " لذلك على المرء أن يسأل "هل يمكن تصديق جون كيري؟" أوباما وكيري أكدا على السرية التامة حول المحادثات الفلسطينية – الإسرائيلية، وطالبا بـ"الثقة" من المجتمع الدولي. من الصعب شراء ما يسميه الألمان "قطة في كيس"، ويسميه الإيطاليون "الشراء مع بقاء الأعين مغمضة". من الضروري غالبا دراسة الإطار حول القضية لتقرير ما هي الحقيقة، نصف الحقيقة، أو الفبركة الكاملة المسبقة.
من أجل ذلك الإطار، يجب النظر إلى بروز "رباعية صهيونية" جديدة في الأسبوع الماضي في الولايات المتحدة، آخر مثال على خدمة أوباما للوبي الصهيوني. في الأول من نوفمبر، ذكرت صحيفة هآرتز الإسرائيلية أن مستشارة الأمن القومي للرئيس أوباما، سوزان رايس، التقت مع المنظمات الصهيونية اليمينية للحصول على دعمها من أجل المفاوضات مع إيران، وذلك بحسب صحيفة هآرتز الإسرائيلية.
السؤال الذي لم تجب عليه تقارير الأخبار هو "ما الذي حصلت عليه الرباعية الصهيونية بالمقابل؟" أعتقد أنها حصلت على أراض، بشكل خاص أراض فلسطينية حيث سمحت الولايات المتحدة باستمرار توسع المستوطنات اليهودية وإلغاء الإشارة إلى حدود 1967.
المراقبون المطلعون يعرفون أن هناك ـ في الواقع ـ خطين جديدين للتسوية الفلسطينية الإسرائيلية؛ أحدهما عبر عنه بيل كلينتون في يناير 2001، والآخر تبناه مجلس الجامعة العربية في 2002 استنادا إلى خطة وضعها الملك عبد الله بن عبد العزيز، ملك السعودية (وكان حينها وليا للعهد). مؤخرا، قالت عشرات المقالات إن خطة كيري السرية تتبع أحد هذين الخطين أو كليهما.
في 7 يناير 2001، تحدث كلينتون أمام منتدى السياسة الإسرائيلية في مدينة نيويورك، ووضع خمسة "محددات" قال إنها وضعت بناء على مطالب الفلسطينيين والإسرائيليين. أولا، وجود دولة فلسطينية مستقلة تلبي مطالب إسرائيل الأمنية. هذا يتضمن السيادة الفلسطينية على غزة ومعظم مناطق الضفة الغربية واستيعاب كتل من المستوطنين إلى إسرائيل بهدف رفع عدد المستوطنين في إسرائيل وتقليص الأراضي التي يتم ضمها. لتكون فلسطين قادرة على الحياة، يجب أن تكون دولة متصلة جغرافيا. لتعويض الأراضي التي يتم ضمها، اقترح كلينتون "تبادل الأراضي"، معطيا فلسطين بعض الأراضي داخل حدود 1967.
ثانيا، هناك "حل" للاجئين للعودة إلى الدولة الفلسطينية التي ستقدم لجميع الفلسطينيين مكانا يستطيعون أن يقولوا عنه بأمان وفخر إنه وطنهم. جميع اللاجئين الفلسطينيين يجب أن يكون لديهم حق عمل ذلك أن جميع اللاجئين يجب أن يستلموا تعويضات من المجتمع الدولي على خسارتهم، وعلى مساعدة لبناء حياة جديدة ... وستتولى الولايات المتحدة القيادة في جمع الأموال الضرورية لإعادة توطينهم بشكل لائق. هذا يضمن احتمال أن يصبح اللاجئون مقيمين دائمين في البلدان التي يعيشون فيها حاليا بما في ذلك إسرائيل.
المحدد الثالث يتعلق بأمن إسرائيل، حيث تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، شرط وجود قوة دولية لحفظ السلام على طول وادي الأردن، والذي سيكون داخل الدولة الفلسطينية المستقلة. رابعا، كان هناك ترتيب بحيث تكون القدس عاصمة للدولتين، ويستطيع الذين ينتمون لجميع الأديان الدخول إلى جميع المواقع الدينية. خامسا وأخيرا، أن تكون هناك اتفاقية بأن يشكل هذا نهاية للصراع.
بعد سنة أو أكثر بقليل، في 27 مارس 2002، تبنت قمة الجامعة العربية في دورتها العادية الرابعة عشرة خطة سلام مستقاة من خطة كان قد وضعها ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز (ملك السعودية حاليا). نصت الخطة على أنه:
"... انطلاقا من اقتناع الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف:
1 ـ يطلب المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضا.
2 ـ كما يطالبها القيام بما يلي:
أ ـ الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان.
ب ـ التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
ج ـ قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية."
وبالمقابل، عرضت الجامعة العربية "اعتبار النزاع العربي ـ الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة، وإنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل."
كلتا الخطتين تم إغراقهما بالدم والحزن بعد ذلك بفترة قصيرة، ونحن لا نزال ندفع ثمن ذلك.