فورَ وصولي إلى مكة المكرمة لإكمال مرحلة البكالوريوس بجامعة أم القرى نهاية عام 2008 كنّا قد بدأنا نسمع عن المشاريع الكبيرة والكثيرة التي ستغير من مكة المكرمة لتجعلها في مصاف المدن الذكية تحت عنوان رائع (بناء الإنسان في أقدس مكان)، ثمّ ما لبثنا أن رأينا جيشا من الشركات والمعدات والموارد البشرية تنتشر في مواقع عدة مكونةً خلايا تشابه خلايا النحل في إتقانها وهمتها، خلايا لا تهدأ تعمل على مدار 24 ساعة بشكلٍ يوميّ حولَ الحرم وفي الأحياء وعلى الأطراف. لم تنم مكة أبداً منذ تلك اللحظة وحتى تاريخ كتابة هذا المقال، تطوير مستمر ومشروع يعقبه مشروع آخر.

كان الفضل بعد الله للإدارة الناجحة لأمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل، فهو جندي لا يترجل وطموح ليس له مدى، وهذا ليسَ بغريب على الأمير المواطن، فمنذ طفولتي وأنا أرى تلك البنية التحتية التي صنعها بمنطقة عسير حيثُ استحالت إلى يسيرة جراء العقبات التي شُقت والأنفاق التي نُحتت في جبال لانت أمام ساعديه. وها هو يسطر نجاحاته في المنطقة الغربية ليضع مكة المكرمة في مكانها الذي يفترض أن تكون فيه والعروس في زينتها التي يجب أن تكونَ عليها والطائف حيثُ حاضرٌ مشرق ومستقبل زاهر يحاكي تاريخها العريق.

والآن وبعد مرور خمسة أعوام قضيتها متنقلاً بين مدن منطقة مكة المكرمة تقع عيني على مشروع مترو جدة الذي اطلعت على كامل تفاصيله فازددت يقيناً بأن خالد الفيصل يعمل ويأمل، وهذا ما يفترض أن يقوم به أيّ مواطن ينشد الرفعة لوطنه.