وحدتك ووحشتك وإحساسك بغربتك بين الناس وبالألفة والمحبة هي انعكاس لما بداخل الآخرين. نحن نقابل الناس في الحياة، نعاشرهم، نحبهم ونعيش معهم ماذا نرى في الناس سوى الوجوه؟ هل نعرف شيئاً عن النفوس؟ نحن نهتم بالأسماء، بالعائلات والألقاب… وكل هذه الأشياء لا تعبّر عن الإنسان، بل لا علاقة لها بحقيقة الإنسان. هذه معلومات على الهوية تعبّر عن الشخصية، والإنسان كيان وفردية متفردة مميزة تتجاوز الاسم والعائلة والطائفة واللقب. الأديان جسر يعبره الإنسان للتعرف على ما يحويه بنيانه وكيانه من أبعاد ومستويات تتعدى حدود اللغة التي يخاطبه بها نص الدين وتصل به حيث تعجز الكلمات. كيان الإنسان يحوي أبعادا لا تُعد ولا تحصى، أهمها الجسد والفكر والروح. هذه الأبعاد ترمز إلى ثلاثة وجوه شاء الكون أن يتجسد بها من خلال الإنسان، وأي وجه تختار؟ سيكون هو المحرك لحياتك ومواقفك.

الناس لا ترى سوى الأفعال، نرى الجيوب لا القلوب، ترى المظاهر وليس الباطن وهذا أصل النفاق. لهذا لن تتمكن من إيجاد مجتمع متدين. كل الحشود والمجتمعات تجهل ما هو التدين الحق، الحشود تهمها المظاهر لأنها تحيا حياة مزيفة قائمة على المظاهر وحركة الحياة العامة لهذا تجد الأنبياء والحكماء فروا إلى الجبال وابتعدوا عن الحشود واختلوا بأنفسهم وأضاؤوا شمعتهم بنور وحدتهم. وهذا يذكرنا بالكثير من أثر هؤلاء.

سأل أحدُ المريدين المعلمَ برمهنسا عن رأيه في القضاء والقدر والمعاناة والألم، فقال: الإنسان هو الذي يصنع قدَرَه بإرادته، ويقرر مصيره بنواياه وأفعاله. وهو مصداق لقوله: إنما الأعمال بالنيات. يمكنك تخليص نفسك من الآلام فيما إذا اخترت ذلك.

قد وهب الله الإنسان قوة التمييز وحرية الاختيار لكي لا يعاني ويلات الآلام نتيجة للأفعال الخاطئة. لكن نتيجة للأحكام غير الحكيمة يجلب الإنسان على نفسه وعلى غيره المعاناة والألم. يميز حين لا يحكم على البشر من ثيابهم، من ألوانهم، من أموالهم.

يجب أن تتحرر وألا تسمح لأحد بمصادرة وعيك أو الهيمنة عليك، وألا تدع المحيط والعادات والتقاليد الخاطئة تقيدك وتتحكم بنهج حياتك. اعمل بوحي الحكمة وأصغ لصوت الضمير وخذ نتائج الأفعال في الاعتبار قبل الشروع فيما تنوي القيام به، وتحاشَ إلحاق الأذى بالآخرين بسبب تصرفاتك غير السليمة، واطلب من الله العون والهداية.

إنه طالما الإنسان فريسة للغضب والغيرة والحسد فهو ليس حراً. يجب أن يصبح سيد عواطفه وأعماله، وأن يتحرر من الغرائز المدمرة والأهواء الجامحة والرغبات الخاطئة. إن كنت مخلصاً كل الإخلاص مع ذاتك فستسند الحكمة تفكيرك ويهدي الصواب قرارك وينير الفهم عقلك. لا فائدة من كل الكلام، تعال واختبر .. فكيف سأقنعك بوجود السماء إذا كنت تجلس في غرفة مغلقة؟ كيف أقنعك بوجود النور وأنت لا تسمع النداء.