طبيعة عملي فرضت عليّ الكثير من الاحتكاك المباشر مع الجيل الجديد، وأصبح من المعتاد أن تتضمن الأسئلة بعد الاسم والدراسة والعمر، سؤالا: من تتابع في "تويتر"؟ هذا السؤال ـ كما يعرف الجميع ـ يعطي دلالة عن الشخص، أو كما يقولون: "المكتوب يبان من عنوانه"، ففي هذا الوقت أصبح "تويتر" هو العنوان.

كنت ـ إلى حد ما ـ مقتنعة بهذا الموضوع إلى أن أصبحت بيني وبينهم حوارات حول من تتابع؟ ولماذا؟ عندها أدركت أن هذا الجيل وقع "بين مطرقة وسندان" مع الأسف، ولكي أكون أوضح في كلامي، سأذكر لكم مثالا بسيطا: في إحدى "دردشاتي" قالت لي إحداهن إنها تتابع (الدكتور سلمان العودة) لأن كلامه يرغب بالدين ولا ينفر ولأنه هادئ الطبع، ويشرك المتابعين في حياته فهو طبيعي، غير متكلف، ثم قالت: وأتابع (الدكتور محمد العريفي).. هنا تفاجأت لأن شخصية العريفي تختلف تماماً عن العودة ومناقضة نوعاً ما لما أعجبها في شخصية العودة الـ"تويترية"، مما جعلني أطرح عليها السؤال التالي: "ألا تعتقدين أن ما مجدتيه في "تويتر" الدكتور سلمان العودة، يختلف تماماً عن الذي يقدمه "تويتر" الدكتور محمد العريفي؟"، قالت: نعم يختلف، سألتها لماذا إذن؟!، لم تعطني إجابة شافية ووافية؟، كل ما قالته لي: إن الكثير من الناس تتابعه وأمي معجبة به، فبالتالي تمطرنا كل يوم بمقاطعه اليوتيوبية، هنا تساءلت عن مدى واقعية الأقوال التالية: "قل لي من تصاحب أقل لك من أنت"، أو قل: "مع من رأيتك مع من شبهتك"، وإلا بيت: "من خالط العطار نال من طيبه..... ومن خالط الحداد نال السوائد".

لكن الله ـ عز وجل ـ يقول: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا" آية 28 سورة الكهف. وقال سبحانه: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) آية 29 سورة الكهف، فالإنسان بطبعه اجتماعي، وهو لا يستطيع العيش في مكان لا يوجد به أناس، وبالتالي فهو على تواصل دائم بمن حوله، لكنّ هناك نوعين من التواصل: صحي، أو مرضي، حيث يتأثر الإنسان ويؤثر بنوعية التواصل والبيئة المحيطة به، خاصة من الأشخاص الذين يعيشون معه، إذ ينقسمون إلى صنفين من البشر لقوله تعالى عن "الذي يدع ربه بالغداة والعشي والذي يريد وجهه". هذا من صفاته الإيمان والعمل والإحسان، التعامل بحكمة مع أحداث الحياة وأن تكون لديه رؤية مستقبلية واضحة، أما (الذي اتبع هواه) فهو الصنف الآخر المستسلم لشهواته، غرته دنياه بجمالها ومفتون بها، حيث يرى الأمور بسطحية. وعندما قال سبحانه: (اصبر نفسك)، أي أن نفسك يمكن أن تميل فاصبر، وبناءً عليه، فإن الإنسان له الخيار مع من يتعايش ومع من يصاحب، وهو صاحب القرار، لكن ليتحمل الإنسان نتيجة اختياره، إذن؛ هل نستمر في قول: "قل لي من تتابع أقل لك من أنت"؟!