لا أعرف مجتمعا سعوديا ينادي بلباقة وصمود للحصول على جامعة مثل أهالي حفر الباطن. في غير مقالة كتبت عن هذا الاحتياج "أمنية أبناء الحفر في توفر جامعة للمحافظة تحقن دماء الأبناء من حوادث الطرقات لتكبدهم عناء السفر بالساعات الطوال، جامعة تبني إشراقة الأمل وقوة الطموح في تخصصات، وفرص وظيفية، تكون قيمة مضافة لأبناء المنطقة المقدر عدد سكانها بأكثر من نصف مليون نسمة".

أبناء المنطقة لا ينسون هذا الاحتياج.. تغريداتهم التي لا تعرف الكلل، دليل على حاجتنا لإعادة مسح بلادنا ووضع معايير متطورة لتأسيس الجامعات، دعما لجهود التنمية المستدامة ومنها ما يتعلق بالتعليم العالي، وألا نركن إلى ما توفر لدينا من جامعات، مع ضرورة تطويرها لتواكب تطلعات المجتمع. ولتكن جامعة إلكترونية عن بعد للتخفيف من استهلاك الموارد إذا كانت مسألة تكلفة التأسيس والتمويل ضاغطة، فتوجهنا للاستثمار في التقنية وتجربة الجامعة الإلكترونية في الرياض، وقيام جامعة الجوف بالاستعانة بنظام تواصلي افتراضي، نماذج بالإمكان البناء عليها، وتطوير فكرتها في منطقة مثل حفر الباطن.

عندما نعود بالذاكرة ونتذكر أن هذا العهد الزاهر لم يتوقف فيه الملك عبدالله - حفظه الله - عن زيارة المناطق وافتتاح الجامعات، 17 جامعة حكومية وجامعة إلكترونية، وجامعة الأميرة نورة، وتأسست جامعات في حائل والجوف وجازان، نجران وتبوك، الحدود الشمالية، الدمام، الخرج، شقراء، المجمعة.. إلخ.. ومعروف أن أي منطقة تزدهر بافتتاح جامعة فيها، وبالتالي نجدد التذكير بحاجة الأهالي في حفر الباطن.

يدعمنا في ذلك ما تناوله الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس لجنة الحج المركزية، بدعوته قبل موسم الحج الماضي لإنشاء جامعة في مكة المكرمة تحت اسم جامعة الحج والعمرة، يخصص لها جميع الدراسات وبرامج التأهيل لخدمة الحجاج والمعتمرين. وفي هذه الدعوة الكثير من الوجاهة لما ستعود به على المنطقة وطلبتها وخبراتها التي تستحق الاستثمار فيها. وبإنشائها تأتلف جميع الدراسات والتعليم والتأهيل لخدمة الحجاج على أن يكون معهد خادم الحرمين الشريفين هو الانطلاقة للجامعة المطلوبة.

المهم في تأسيس مزيد من الجامعات، أن تدعم الميزة التنافسية لخصائص المنطقة التي تفتتح فيها الجامعة الجديدة، وتلبي احتياجات سوق العمل في المنطقة نفسها، مع التأكيد على أن السياحة مورد في جميع مناطقنا ووسيلة جذب. وبالتالي تؤسس كليات السياحة ومناهجها وطرائق التدريس فيها، نستلهم ذلك من ثراء المنطقة وإرثها التاريخي والزخم الذي يتشوق الزائر للتعرف عليه.