تزداد أهمية الشيء حين يقل وجوده.. وترتفع قيمته حين لا يجده إلا قلة.. وكل شيء يكثر تزول أهميته وتتناقص قيمته.

بعض المهن تفقد قيمتها حين يكثر ممتهنوها.. في الأعوام الأخيرة، تكاثر الفلكيون علينا حتى تجاوزوا بتكاثرهم المحللين الرياضيين، وكان للإعلام دور في رفع أسهم الفلكيين الجدد؛ لأنه يبحث عمن يظهر ويتحدث، فوجد قوما يحبون الظهور ولو بقول مكرور، فمنحهم أكثر من قيمتهم وصدّرهم لنا، فكان في كل صفحة فلكي، وعلى كل شاشة فلكي، ومعظمهم نجهل مؤهله العلمي.

لكن تكاثُر الفلكيين قلل من قيمتهم لدى الناس، وكثرة توقعاتهم التي لم تدع شيئا يمكن توقعه إلا وذكرته، حتى لا يمكن أن تخرج الاحتمالات منها، قللت من قيمة علم الفلك.. بعد فترة كان فيها للفلك هيبة لا يتجرأ عليها أحد إلا بعلم غزير وخبرة سنين.

ربما نقطة الالتقاء بين كل الفلكيين الجدد هي: كثرة التحذيرات، والإسراف في التصريح بمناسبة وبلا مناسبة، وأعتقد أن أجود توقعاتهم في الخريف.

اليوم.. لو كنت "فلكيا" لاعتزلت المهنة وأعلنت الصمت؛ لأن أصغر طفل يمتلك "هاتفا ذكيا" بإمكانه قراءة الطقس لمدة أسبوع كامل وبدقة يعجز عنها كبار الفلكيين، عبر برامج الطقس التي أصبحت أكثر من الفلكيين الجدد.. رأيت بعضها يقدم توقعات للأمطار.. لمسار الغيوم.. لهبوب الرياح، ونصائح لتستعد لأيام قادمة وتأخذ احتياطاتك.

أحيانا أخجل حين أقرأ تقارير الطقس الصادرة عن الرئاسة العامة للأرصاد؛ لأنها بيانات مكررة نحفظها من سنوات، تطور علم الفلك ولم تتغير تلك البيانات اليومية.. والمصيبة أن كل الجهات الحكومية والمدارس تعتمد على بيانات الرئاسة العامة للأرصاد في تعاملها مع التقلبات الجوية.

ومن الطريف المؤلم أن بيانات الأرصاد الجوية لا تصل إلى المدارس إلا بعد أن يوقع عليها عدد من مسؤولي الإدارات التعليمية فتتأخر لأكثر من يوم، وأحيانا تصل للتحذير من يوم فائت.

(بين قوسين)

بداية موسم الأمطار كانت في عرعر فحصدت 5 ضحايا والكثير من الأضرار.. واستبشر أهل الشمال بأن طائرة عمودية كانت حاضرة للبحث عن المفقودين والمحتجزين إلا أن تعطلها عكر الجو.