قرّرت مساء ما قبل البارحة أن أغادر (حسابي) بالاسم المستعار على (تويتر)، وأن أدخل عالمه الواسع باسمي الصريح: بصورتي (الكاريكاتيرية) المرسومة، وبعنواني في جمهورية المنسك الشعبية. ببضعة أزرار من جهازي انتقلت مثل من ينتقل من الظلام إلى النور، ولكن: مثل من ينتقل أيضا من الظل إلى النار. كل حسابات أخرى تحت اسمي لم تكن تمثلني ولم أكن فيها طرفا ولا صاحب ضغطة زر واحد، فلماذا عشت تلك الفترة الطويلة على الاسم المستعار؟ لأنني (كنت) كارها للجدل المباشر مثلما (كنت) أخشى أن أضطر إلى تفسير كل مواقفي من القضايا العامة أمام عشرين مليون (حمامة) هديل في هذا الفضاء. تأكدت أن هذا الفضاء لن يسمع هديل حمامة إضافية، ولهذا دخلت.

سأحلق مثل حمامة وسألسع مثل نحلة، سأكتب (يوميات) حارتي لأنني مؤمن بأن (الحارة) رمز لوطن. سأراوغ مثل ميسي، وأضرب مثل كريستيانو، وسأقذف حممي مثل فيكتور سيموس، ولكن: سأبث كل سمومي مثل ثعبان لا يشبه إلا أنا، حين تحوّل أباطرة هذا (التويتر) إلى تغريدات (الوعظ) كل صباح ومساء من أجل ملايين الأتباع. سأفضح كل ما أقرؤه عن يوميات (حارتي)، وسأكتب كل صباح ونهاية كل مساء: ما أشاهده وما أسمعه وما أحسه وما أقرؤه. وللذين يقولون إنني ابتدأت تغريداتي لاذعا متهورا وكاسرا للعظم الرقيق، سأقول: إن النقد الجارح الصارخ لا يعني الكراهية ولا الإحباط أو فقدان الثقة في (يوميات هذه الحارة).. أكثر كلمات الانتقاد في حياتي تلقيتها من أشقائي الأربعة وشقيقاتي الأربع. النقد الجارح دليل خوف مثلما هو دليل محبة. سأحوّل مصطلح (حارتي) الشعبية المهملة المنسية إلى رمز وطني، فأنا لا أكتب (الحارة) بل أكتب الوطن. أنا أعلم مسبقا أن أمامي في اليوم ملايين هديل الحمام التويتري، ولهذا لا أعد بفورة جديدة من بضع ومئة حرف تضاف إلى كل هذا الهديل السادر؛ لكنني أعد أن أكسر العظم، وأن أفتح الجرح، وأن أفضح ما أرى أنه كفء للفضيحة. لن تتبدل مواقفي من حارتي، ومن وطني، ولكن: قد تتبدل فقط وسائط النشر.