قال وزير الزراعة الدكتور فهد بالغنيم في تصريح خاص لـ"الوطن"، إن وزارة الزراعة لا تزال تدعو المزارعين في عدم التوسع في زراعة نخيل التمور في المملكة، معللا ذلك بالضرر الذي يضر بمصلحة المزارعين، ويزيد من الضغط على مصادر المياه، "مع وجود الفائض الكبير من الإنتاج، والاكتفاء بما هو موجود لفترة زمنية محددة".

إذ تنتج أكثر من "23" مليون نخلة سعودية، قرابة مليون طن سنويا من التمور، وتتجاوز قيمتها 8 مليارات، وتمثل 16% من الناتج المحلي، هذه الكمية من التمور تواجه مشكلة معقدة في تسويقها داخليا وخارجيا. وأرجع مهتمون في الشأن الزراعي ذلك إلى عدة أسباب ومنها عدم إلمام منتجي التمور والموردين لها بالمواصفات المطلوبة في السوق بشكل عام، والسوق العالمية بشكل خاص، إضافة إلى أن العرض أكثر من الطلب ووجود فائض كبير في الإنتاج.

من جهته، أكد رئيس الجمعية الزراعية التعاونية بالباحة والمهتم بالشؤون الزراعية الدكتور عبدالله الغامدي لـ"الوطن" أن مشكلة تسويق التمور داخليا وخارجيا لا تزال متأزمة في ظل غياب المواصفات والمقاييس لدى المنتجين لاستهداف السوق الخارجية على الأقل، وربما تتحمل الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس بالمملكة جزءا من ذلك، فهي باستطاعتها الضغط على دول الاتحاد الأوروبي - مثلا - للتقليل من اشتراطاتها في المواصفات المطلوبة للتمور، بما يتناسب مع التمور السعودية، وبالتالي يمكن استهداف تلك السوق لأنها مستهلك قوي، فضلا عن عجزنا في تصدير التمور إلى دول آسيا التي لا تشترط مواصفات معقدة، مثل إندونيسيا وماليزيا، ويمكن معها تصدير آلاف الأطنان.

وبين الدكتور عبدالله، أن رفع مواصفات الإنتاج في مصانع تعبئة التمور في المملكة من حيث اللون والشكل والحجم مهم جدا في عملية التسويق، فلا بد أن تكون هناك توعية للمزارعين، ويمكن للسوق الأوروبي أن يستقبل التمور العضوية من المملكة ولكن ذلك قليل، معتبرا أن دور وزارة الزراعة في متابعة مصانع الإنتاج للتمور لتطبيق المواصفات المطلوبة يأتي داعما حقيقيا في العملية التسويقية، وبدون هذه الشروط لا يمكن أن نصدر تمورنا للخارج، أما داخليا فلا يزال الوضع قاصرا تماما، حتى مع دول الخليج وبعض الدول العربية، ومع أن المهرجانات التي تصاحب موسم الحصاد حلت جزءا من المشكلة إلا أننا في المملكة نحتاج إلى تسويق دائم ومستمر، وطبيعة التمور تساعد على بقائها لفترات طويلة محتفظة بجودتها وقيمتها الغذائية دون أن تفقد، فهي ليست كأي فاكهة أو خضراوات أخرى سريعة التلف.

واعتبر الدكتور عبدالله أن تنامي الإنتاج يفوق قدرات ما تجريه الجمعيات الزراعية والمصانع التحويلية من حلول وتحركات لاحتواء الأزمة، بل حتى المؤتمرات لوحدها لا تكفي ما لم يكن هناك تحرك جاد لإنقاذ هذه الثروة الوطنية، فقبل 20 سنة تقريبا كانت هناك دراسة أوضحت أن ما نستهلكه من التمور لا يتعدى 8% والباقي يذهب أعلافا للحيوانات.

إلى جانب ذلك، أشار مدير العلاقات العامة في مهرجان النخيل والتمور الأول في الأحساء "للتمور وطن" بدر الشهاب، أن المهرجان الذي نظمته أمانة الأحساء بشراكة جهات حكومية أخرى - العام الماضي -، وسينظم هذا العام في 24 شوال المقبل، استعاد عافية الأسعار للمنتجين، بعدما ظلت راكدة لسنوات، فلم يتعد سعر الكيلو لصنف الإخلاص، الذي يعتبر أجود الأنواع حاجز الريالين للكيلو الواحد، بينما تخطت الأسعار من خلال المهرجان حاجز الـ"10" ريالات تقريبا، لبعض الأصناف ذات الجودة العالية، وساهم المهرجان الذي استمر قرابة الشهرين في عقد صفقات كبيرة مع تجار من دول الخليج بملايين الريالات، الخطوة ساهمت في تضاعف الأسعار، في الوقت الذي كانت تتدفق إلى المهرجان "4" آلاف طن يوميا من تمور "واحة النخيل والبترول" إلى مناطق المملكة، حيث يصل إنتاجها إلى "120 ألف طن".

أحمد العلي - أحد منتجي التمور - اعتبر الأسعار تتحكم فيها فترة زمنية ترتبط بدخول شهر رمضان المبارك، فإذا كان موسم الحصاد يسبق دخول الشهر بفترة بسيطة فإن الأسعار ترتفع، فجميع الصائمين لديهم ارتباط روحي ساعة الإفطار بالتمور والرطب، أما إذا سبق الشهر الكريم موسم الحصاد بشهور فإن الأسعار أقل مما هي متوقعة.