لم يكن معقولا ألا تلقي جازان عصاها فتلقف ما سواها. جازان التي تحت كل صخرة فيها جنّ شعر، وفوق كل غصن عصافير غناء، وتمتد على صدرها تسعة عشر واديا كأوتار عود مشدودة تسيل طربا من الجبل إلى البحر.
حين أوتيت الأندية الأدبية فرصة دخول المرأة، بدت جازان الولود كأنها لم تنجب شاعرات غير من نعرف من كاتباتها الصحفيات والأكاديميات. لم نكن نعلم حتى نحن أهلها، أنها تتهيأ في مخدعها، وترتب ورودها لتفاجئنا بها، وكانت أولى ورودها الشعرية الحقيقية شقراء المدخلية.
ما كان النادي الأدبي قادرا على خدمة الحرف النسائي بالحجم المطلوب ولا بالطريقة المثلى ولا بالإيقاع المواكب لتطلع الجازانيات، ولذلك لم تنتظر السيدة نجاة خيري، طويلا لتقدم استقالتها من عضوية مجلس إدارة النادي الأدبي، وتنضم إلى مؤسسة مدنية هي اثنينية الزاهد النعمي، وتفتتح فيها جناحا نسائيا منخرطا في الأدب والخدمة الاجتماعية، وتسجل حضورا نسائيا مفعما بالحيوية والنشاط والخدمة التطوعية، وصادحا بالشعر والثقافة.
وأيضا لم تنتظر الشاعرة المعروفة شقراء المدخلية، طويلا لتقدم استقالتها من عضوية مجلس إدارة النادي، وتدشن في اليوم التالي صالونها الخاص.
أكتب هذه السطور بمناسبة المسابقة الأخيرة التي أعدها "صالون شقراء الثقافي"، وقدم من خلالها أسماء شعرية وقصصية مفاجئة، وهناك أسماء أخرى جاهزة تنتظر الفرصة فقط ولا بد أن تأتي، لكني أؤكد أن هذه الأسماء هي الجيل الأول للشعر النسائي الحقيقي في جازان.
سحر مجلي، نوال أمان، بشرى اليامي، أسماء المدخلي، لطيفة عكور، آمنة محمد، أما الفائزة بالجائزة، فكانت رفيف المسملي، عن قصيدتها "للحديث بقايا".
وفازت بجائزة السرد أريج أبو طالب عن نصها "مومس". ولا يتسع المقال لتقديم فكرة عن جمال وجدارة النصوص الفائزة، لكن يمكن القول باطمئنان، إن جازان تملك المفاجأة وتؤكد نفسها كأغنى سلال الشعر السعودي.
لا بد لجازان أن تشكر جهود سيداتها اللاتي يدفعن من جهدهن ووقتهن ومالهن لخدمة منطقتهن، والدخول بها في سباق جميل ومرهق مع بقية المناطق، وهن قادرات على ذلك وواثقات من أن المستقبل لهن.